المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالات محتملة الوقوع في الشهادة بكالوريا BAC للشعب العلمية



romaissa
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 07:57 AM
هل معيار الحقيقة في المادة الرياضيات يكمن في البداهة والوضوح أم في أتساق النتائج مع المقدمات؟
المقدمة (طرح المشكلة)
توصف المعرفة الرياضية بالصناعة الصحيحة واليقينية في منطلقاتها ونتائجها، لكن التساؤل عن معيار اليقين في المادة الرياضيات كشف انه ليس معيارا واحدا في المادة الرياضيات الاقليدية والمادة الرياضيات المعاصرة، ذلك ان المادة الرياضيات الاقليدية تعتقد جازمة ببداهة ووضوح مبادئها وترى فيها النموذج مقترح الوحيد في الصدق المطلق، اما الرياضيي المعاصر فلا تهمه المباديء ذاتها لأنها تشكل مقدمات في النسق الرياضي ، بقدر ما يهمه النسق الرياضي في مجمله أي أن عدم تناقض المقدمات مع النتائج هو معيار اليقين في المادة الرياضيات. وفي ذلك نطرح السؤال التالي:
هل معيار اليقين في المادة الرياضيات يتمثل في بداهة ووضوح مبادئها ام يتمثل في اتساق نتائجها مع مقدماتها؟

الاطروحة الاولى (معيار اليقين في المادة الرياضيات يتمثل في بداهة ووضوح مبادئها)
أسست المادة الرياضيات الكلاسيكية مادة التاريخيا قبل عصر النهضة بقرون عدديدة قبل الميلاد على يد فيلسوف ورياضي يوناني مشهور اسمه اقليدس (306ق.م/253ق.م)، اذ سيطرت مادة الرياضياته الكلاسيكية على العقل البشري الى غاية القرن التاسع عشر الميلادي، حتى ضن العلماء انها المادة الرياضيات الوحيدة التي تمتاز نتائجها بالصحة والمطلقية.
اعتمدت المادة الرياضيات الكلاسيكية على مجموعة من المباديء او المنطلقات التي لا يمكن للرياضيي التراجع في البرهنة عليها الى ما لا نهاية، فهي قضايا اولية وبدئية لا ايمكن استخلاصها من غيرها،وهي مباديء لاتحتاج الى برهان على صحتها لانها واضحة بذاتها من جهة ولانها ضرورية لقيام المعرفة الرياضية من جهة اخرى، يستخدمها الرياضي في حل كل قضاياه الرياضية المختلفة، فما هي هذه المياديء؟
التعريفات الرياضيةdefinitions mathematiquales
هى اولى القضايا التى يلجأ اليها الرياضى من اجل بناء معنى رياضى واعطائه تمييزا يختلف عن غيره من المعانى الرياضية الاخرى، ومن أهم التعريفات الاقليدية الرياضية، نجد تعريف المثلث بانه شكل هندسى له ثلاثة اضلاع متقاطعة مثنى مثنى مجموع زواياه تساوى 180درجة. والنقطة هي شكل هندسي ليس لها ابعاد، او هي حاصل التقاء خطين. والخط المستقيم هو امتداد بدون عرض.
البديهيات les axiomes
هى قضايا واضحة بذاتها،صحيحة وصادقة بذاتها لاتحتاج الى دليل على صحتها براى الكلاسيكيين، أى لايمكن للعقل اثباتها أي تفرض رائع نفسها على العقل بوضوحها لانها تستند الى تماسك مباديء العقل مع ذاته، فهي قضايا قبلية نشأت في العقل قبل التجربة الحسية، فهي قضايا حدسية يدركها العقل مباشرة دون برهان او استدلال، كما انها قضايا تحليلية موضوعها لايضيف علما جديدا الى محمولها، ومنها بديهيات اقليدس التى تقول:
ان الكل اكبر من الجزء والجزء اصغر من الكل.
الكميتان المساويتان لكمية ثالثة متساويتان.
وبين نقطتين لايمكن رسم الا مستقيما واحدا.
وأذا أضيفت كميات متساوية الى اخرى متساوية تكون النتائج متساوية.
المصادرات les postulats
تسمى احيانا بالاوليات واحيانا بالموضوعات .واحيانا بالمسلمات لان الرياضى هو الذى يضعها فهى اذن قضايا لانستطيع البرهنة على صحتها وليست واضحة بذاتها، أى فيها تسليم بالعجز، ولذلك نلجأ الى التسليم بصحتها. ومن مصادرات اقليدس نجد:
مثلا من نقطة خارج مستقيم لانستطيع رسم الا مستقيما واحدا مواز للمستقيم الاول.
المستقيمان المتوازيان مهما امتدا لايلتقيان.
المكان سطح مستوي درجة انحنائه يساوي صفر وله ثلاثة ابعاد هي الطول والعرض والارتفاع.
مجموع زوايا المثلث تساوى قائمتين.
وتسمى هذه المبادىء فى مجموعها بالمبادىء الرياضية الكلاسيكية او بمبادىء النسق الاكسيوماتيكى نسبة الى كلمة اكسيوم والتى تعنى فى مادة اللغة العربية البديهية. وهو نسق قائم على التمييز بين هذه المبادىء الثلاثة.
مناقشة (نقد الاطروحة)
ان الهندسة الكلاسيكية التي كانت حتى القرن 19 مأخوذة كحقيقة رياضية مطلقة، اصبحت تظهر كحالة خاصة من حالات الهندسة وما كان ثابتا ومطلقا اصبح متغيرا ونسبيا،وفي هذا المعنى يقول بوليغان bouligand (( ان كثرة الانظمة في الهندسة لدليل على ان المادة الرياضيات ليس فيها حقائق مطلقة.)). فماهي هذه الانظمة التي نزعت من المادة الرياضيات الكلاسيكية صفة اليقين المطلق؟
الاطروحة الثانية (معيار اليقين في المادة الرياضيات يتمثل في اتساق النتائج مع المقدمات)
لقد حاول الرياضيون في مختلف العصور ان يناقشو مباديء الهندسة الاقليدية، ولم يتمكنوا منها الا في العصر الحديث، وهي اطروحة ترى ان معيار الصدق في المادة الرياضيات لا يتمثل في وضوح المباديء وبداهتها ولكن يتمثل في مدى انسجام وتسلسل منطقي بين الافتراضات او المنطلقات وبين النتائج المترتبة عنها، وهي اطروحة حديثة تتعرض بالنقد والتشكيك في مباديء ونتائج المادة الرياضيات الكلاسيكية. اطروحة مثلها الفرنسي روبير بلانشي والروسي لوبا تشيفسكي والالماني ريمان. فما هي هذه الانتقادات والشكوك؟

انتقد الفرنسى روبير بلانشى فى كتاب كامله(الاكسيوماتيكا) المبادىء الثلاثة للمادة الرياضيات الكلاسيكية:
• التعريفات الاقليدية ووصفها بانها تعريفات لغوية لاعلاقة لها بالحقيقة الرياضية فهى تعريفات نجدها فى المعاجم اللغوية فهى بذلك لاتهم الا اللغة.
• هى تعرفات وصفية حسية تصف المكان الهندسى كما هو موجود حسيا فى ارض الواقع وهى بذلك تعريفات تشبه الى حد بعيد التعريفات فى العلوم الطبيعية.
• هى تعريفات لانستطيع الحكم عليها بانها صحيحة او خاطئة فاذا اعتبرناها نظرية وجب البرهنة عليها، واذا لم نقدر على ذلك وجب اعتبارها مصادرة، وهذا معناه ان التعريفات الاقليدية فى حقيقتها عبارة عن مصادرات.
• انتقد بلانشى ايضا بديهية اقليدس (الكل اكبر من الجزء) معتبرا انها بديهية خاطئة وليست صحيحة، اذ ثبت انها صحيحة فقط فى المجموعات المنتهية.
• انتقد بلانشى البديهية ايضا معتبرا انها صحيحة وصادقة ولاتحتاج الى برهان فى المنطق القديم لكن فى المادة الرياضيات المعاصرة البديهيات قضايا يجب البرهنة على صحتها واذا لم نتمكن من ذلك وجب اعتبارها مسلمة أى مصادرة.
• اما المصادرات فباعتبارها مسلمات او موضوعات لانستطيع البرهنة عليها فففيها تسليم بالعجز، من هنا يعتبربلانشى ان انسب مبدا للمادة الرياضيات هومبدا المصادرات اي المسلمات او الفرض رائعيات.
• من هنا فأن هندسة اوقليدس لم تعد توصف بالكمال المطلق، ولا تمثل اليقين الفكري الذي لايمكن نقضه، لقد اصبحت واحدة من عدد غير محدود من الهندسات الممكنة التي لكل منها مسلماتها الخاصة بها.
• من هذا المنطلق ظهرت في القرن التاسع عشرافكارا رياضية هندسية جديدة تختلف عن مادة الرياضيات اوقليدس وسميت بنظرية النسق الاكسيوماتيكي أوبالهندسات اللاأوقليدية، وتجلى ذلك بوضوح من خلال اعمال العالمين الرياضيين لوباتشيفسكي الروسي وريمان الالماني.
في سنة أولى830م شكك العالم الرياضى الروسى لوباتشيفسكىlobatchevsky(1793-1857م) فى مصادرات اقليدس السابق ذكرها وتمكن من الاهتداء الى الاساس الذى بنيت عليه، وهو المكان الحسى المستوى، وهكذا تصور مكانا اخر يختلف عنه وهو المكان المقعراى الكرة من الداخل، وفى هذه الحالة تمكن من الحصول على هندسة تختلف عن هندسة اقليدس، أى من خلال هذا المكان أعلن لوباتشيفسكى انه بامكاننا ان نرسم متوازيات كثيرة من نقطة خارج مستقيم، والمثلث تصير مجموع زواياه اقل من 180 درجة.
وفي سنة أولى854م شكك الالمانى ريمان 1826-1866م riemane هو الاخر فى مصادرات اقليدس وتمكن من نقضها على اساس اخر، فتصور المكان محدودبا أى الكرة من الخارج واستنتج بناءا على ذلك هندسة جديدة ترى انه لايمكن رسم أى مواز من نقطة خارج مستقيم، وكل مستقيم منتهى لانه دائرى وجميع المستقيمات تتقاطع فى نقطتين فقط والمثلث مجموع زواياه اكثر من 180درجة.
مناقشة (نقد الاطروحة)
اذا كانت المادة الرياضيات المعاصرة قد اسقطت فكرة البداهة والوضوح والكمال واليقين والمطلقية في المادة الرياضيات الكلاسيكية، واذا كان الرياضي المعاصر حر في اختيار مقدمات برهانه فهذا لا يعني ان يتعسف في اختياره ووضعها بل يجب ان يخضع في وضعها الى شروط منطقية صارمة تنسجم فيها هذه المقدمات مع نتائجها انسجاما منطقيا ضروريا.
التركيب بين الاطروحتين
من خلال ما سبق عرضه نلاحظ ان تعدد الانساق الرياضية لا يقضي على يقين كل واحد منها، فكل هندسة صادقة صدقا نسقيا اذا اخذت داخل النسق الذي تنتمي اليه لاخارجه وفي هذا المعنى يقول الفرنسي روبير بلانشي (( أما بالنسبة للانساق في حد ذاتها فلم يعد الامر يتعلق بصحتها او بفسادها اللهم الا بالمعنى المنطقي للانسجام او التناقض الداخلي، والمباديء التي تحكمها ليست سوى فرض رائعيات بالمعنى الرياضي لهذا المصطلح.))
الخاتمة (حل المشكلة) من خلال ما سبق نستنتج ما يلي:
• ان المادة الرياضيات الاقليدية لم تعد توصف بالكمال والمطلقية، ولم تعد تمثل اليقين الرياضي الوحيد الذي لا يمكن نقضه، بل غدت واحدة من عدد غير محدود من الهندسات الممكنة التي لكل منها مسلماتها الخاصة بها. ولذلك فأن تعدد الانساق الرياضية هو دليل على خصوبة الفكر في المجال الرياضي وليس التعدد عيبا ينقص من قيمتها او يقينها.
• كما ان المعرفة الرياضية لا تكتسي الصفة اليقينية المطلقة الا في سياق منطلقاتها ونتائجها، وهذه الصفة تجعل من حقائقها الرياضية حقائق نسقية.
• كما ان البرهنة في المادة الرياضيات انطلقت من منطق استنتاجي يعتقد في صدق مبادئه ومقدماته الى منطق فرض رائعي يفترض صدق مبادئه ومقدماته

الحتمية واللاحتمية في المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية

إذا كان الاستقراء العلمي يهدف إلى الكشف عن الظواهر ومعرفة أسبابها وصياغتها في شكل قوانين عامة فإن الاستقراء العلمي من جهة ثانية ينتقل فيه العالم من بعض الظواهر إلى القوانين العامة بفضل مبدأ الحتمية الضروري تبعا لنظام الكون الثابت غير أن تقدم علم المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية واقتحام عالم الذرة والنتائج المتوصل إليها جعل الكثير من فلاسفة العلم يرفضون هذا المبدأ والسؤال الذي يطرح نفسه : هل مبدأ الحتمية ضروري فعلا في علم المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية أم أنه ليس ضروريا بل يمكن تعويضه بمبادئ أخرى؟
الاتجاه الحتمي:اعتقد الكلاسيكيون ان العلم يقوم على مبدأ الحتمية فالظواهر تسير بمقتضى حتمية دقيقة واعتبر لابلاس أن الكون نفسه آلة تسير بمقتضى قوانين حتمية، ويكفي معرفة هذه القوانين حتى نتنبأ بشكل حتمي ودقيق بحدوث الظواهر قبل وقوعها، يقول : "لو أن عقلا تطلع في لحظة ما، على سائر القوى التي تحرك الطبيعة وعلى الحالة الخاصة بالكائنات التي تؤلفها لا بل لو كان له من السلعة ما يستطيع به أن تخضع هذه المعطيات للتحليل لاستطاع أن يلم في قاعدة واحدة بحركات أكبر الأجسام في الكون وبحركات أخف الذرات، فلا شيء يكون محلا للارتياب بالنسبة إليه ويكون المستقبل والحاضر ماثلين أمام عينية". تأكيد مبدأ الحتمية في العلم ضرورة قاد إليها البحث العلمي في مراحل الهدف منها ضمان الدقة المطلقة لنتائج العلم لقد قال بوانكاري: "العلم حتمي بالبداهة وهو يضع الحتميات موضوع البديهيات التي لولاها ما أمكن له أن يكون"
النقد: إذا مبدأ الحتمية ضروري في المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية ويصدق أكثر في عالم الظواهر الكبيرة غير أن تقدم علم المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية نفسه أفضى إلى نتائج مغايرة كما هو الحال في مادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية الصغائرMicro physique كما أننا يجب أن نميز بين نوعين من الحتمية:أولاالحتمية العلمية التي ترفض الصدفة وتدفع الجهل و الحتمية المطلقة الكونية: والتي تعد في حد ذاتها فكرة ميتافيزيقية تقضي على كل مبادرة إنسانية في الفهم و قد سيطرت على مادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية القرن التاسع عشر.
اللاحتمية: في المقابل للطرح السابق توصل الكثير من الفيزيائيين إلى نتائج هزت مبدأ الحتمية مثل ما أفضت إليه بحوث "ماكس بلانك" من أن الذرة المشعة لا تصدر طاقتها بصفة منتظمة أو متصلة يمكن إخضاعها لمبدأ الحتمية،بل بصفة غير منتظمة وفي شكل صدمات. أما الثاني فهو العلم الأمريكي هايز نبرغ الذي توصل إلى تأكيد استحالة قياس كمية حركة الجسيم داخل الذرة وتحديد موقعه في آن واحد مما يؤدي إلى استحالة التنبؤ الدقيق والحتمي بكمية الحركة والموقع في آن واحد.
ومعنى ذلك أن مبدأ الحتمية لم يعد ضروريا على الاطلاق ويجب الانتقال بالمادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية من الحتمية إلى اللاحتمية.
النقد:إن رفض الحتمية يؤدي مباشرة إلى الوقوع في الصدفة التي تعد تبريرا للجهل أكثر ما هي مصدر للعلم.
التركيب: قادت هذه الإشكالية في علم المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية إلى اجتهادات كبيرة كان لها الأثر الإيجابي في علم المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية منها:
التمييز في الحتمية بين حتمية علمية ضرورية في البحث وحتمية كونية ينبغي رفضها.
اهتدى العلماء إلى حساب الارتياب في القياسات كطريقة لتحقيق أكبر مقدار من الدقة إضافة إلى ذلك مبدأ حساب الاحتمال الذي جاء ليدعم مبدأ الحتمية.

مشكلة الحتمية والغائية في البيولوجيا:
مفهوم علم البيولوجيا الحية: يختص علم البيولوجيا بدراسة الظواهر الحية سواء كانت نباتية أم حيوانية.
خصائص الظاهرة الحية: تشترك الظاهرة الحية مع الظاهرة الفيزيائية في كونهما مادتين تشغلان حيزا من المكان، تقبلان الملاحظة والدراسة الموضوعية.
ومع ذلك فهما يختلفان إذ تتميز الظاهرة الفيزيائية بجملة من الخصائص يمكن إجمالها فيما يلي:
الظاهرة الحية معقدة: تتسم الظاهرة الحية بدرجة غالية من التعقيد، يظهر ذلك في ترابطها مع غيرها من الظواهر مما يصعب عزلها ودراستها علميا وبشكل مستقل.
الظاهرة الحية حية: أي تقوم بجملة من الوظائف الحيوية وكل دراسة علمية مطالبة بدراسة الظاهرة الحية في هذا الإطار الحيوي ومن جملة الوظائف الحيوية التي تميز الظاهرة الحية:
التغذي: وظيفة حيوية بأخذ مواد من الطبيعة وتحويلها عن طريق التمثيل أو الهضم إلى مواد قابلة للاستهلاك.
التكاثر: وظيفة حيوية تتمثل في نزوع الكائن آليا أو غريزيا في مرحلة من مراحل النمو إلى إعطاء كائن يحمل نفس المواصفات النوعية [استمرار النوع].
النمو: وظيفة حيوية تتمثل في انتقال الكائن من مرحلة إلى مرحلة تكون مصحوبة بجملة من التغيرات والمظاهر.
التنفس: وظيفة حيوية يقوم بها الكائن الحي تتمثل في أخذ الأكسجين وطرح ثاني اكسيد الكربون أو أخذ الأكسجين الذي تستعمله لخلية في الاحتراق لإنتاج الطاقة الضرورية...
الإطراح: عملية حيوية قوامه طرح المواد التي لا يحتاجها الجسم إلى الخارج...الخ.
أسباب تأخر علم البيولوجيا وحدود التجربة فيه :
إذا عدنا إلى مادة التاريخ البيولوجيا نجده قد تأخر في الظهور قياسا إلى علم المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية ويذكر رواد هذا العلم أن الدعوة الفعلية إلى ظهور علم البيولوجيا ترتبط بالبيولوجي كلود برنار في كتاب كاملة " مدخل إلى الطب التجريبي " مع أننا نعتقد أن جهود المسلمين كانت سباقة إذا مارسوا الطب بصورة تجريبية رغم أنهم لم ينظروا لهذه الممارسة ، ومهما يكن من أمر فأسباب تأخر علم البيولوجيا كثيرة نذكر منها :
طبيعة الظاهرة الحية ذاتها .نقص الوسائل والأجهزة .ارتباط البيولوجيا بالخرافة .

مشكلة الحتمية والغائية في البيولوجيا :
أ) ضبط المشكلة : رغم أسباب التأخر التي طالت علم البيولوجيا إلا أن دعوة كلود برنار كانت مثمرة ( دراسة بول الأرانب ) في تحول علم البيولوجيا إلى علم تجريبي غير أن إمكانية التجريب هذه أدت إلى طرح المشكلة إبستومولوجية هامة هي :
كيف يمكن دراسة المادة الحية؟ بلغة أخرى هل تدرس بنفس الكيفية التي تدرس بها المادة الجامدة أم بكيفية خاصة ؟ بلغة أخرى هل تدرس الظاهرة البيولوجية في نطاق حتمي آلي كما لو كانت ظاهرة فيزيائية أم تدرس في نطاق غائي خاص ؟ يعبر البيولوجي الفرنسي كينو عن هذه المشكلة بقوله : " إن فهم أو تفسير الغائية العضوية هي المشكلة الرئيسية في البيولوجيا، وحتى في الفلسفة ، وعلى هذا الشأن ينقسم البيولوجيون إلى مدرستين تعتقد كلاهما اعتقادا راسخا في متانة دعائمها مما لا يترك أي مجال للاتفاق "
I) الموقف الحتمي الآلي : يذهب كلود برنار إلى أن الدراسة العلمية للظواهر الحية لا يكون إلا في نطاق حتمي ذلك أن الظواهر الحية هي نفسها الظواهر الجامدة
يقول: " إن المظاهر التي تبدو في الظواهر الحية هي نفسها المظاهر التي تتجلى في الظواهر الجامدة إنها تخضع لنفس الحتمية . إن طابع التشابه بين الظاهرة الحية والظاهرة الفيزيائية قوي ويتعلق أصلا بالمكونات الاختلاف الوحيد بينهما يظهر في درجة التعقيد الذي يعد اختلافا في الدرجة وليس اختلافا في النوع أي أن اختلاف عرض وليس جوهري هذا ما تكشفه التجربة ، ذلك أن تحليل المادة الحية
يوصلنا إلى مكونات طبيعية ثم إن التفاعل الذي يتم على مستوى المادة الحية هو نفسه تفاعل كيميائي .... إلخ
النقد: يكشف هذا التوجه على نزعة علمية تطمح إلى تحقيق الدقة الملاحظة في المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية غير أن هذه النزعة أخطأت أكثر من مرة فهي لم تراع خصائص الظاهرة الحية .
أخضعت الظاهرة للمنهج في الوقت الذي كان ينبغي أن يكون العكس.
لت إلى نتائج لم تشمل كل الظواهر الحية.
(Iالموقف الغائي:في المقابل للطرح السابق يذهب الغائيون ذوي التوجه الحيوي إلى القول أن الظاهرة الحية من طبيعة خاصة وينبغي أن نراعي هذه الخصوصية أثناء الدراسة ومن هذه الخصوصية أثناء الدراسة ومن هذه الخصوصية نذكر أنم الظاهرة الحية تتميز بطابع من النظام والانسجام والدقة والتي تفرض رائع دراستها في نطاق غائي.ويضرب دونوي مثلا لذلك إذا أخذنا أنبوبا ووضعنا فيه صفين من الكرات إحداها سوداء والأخرى بيضاء في كل صف 1000 كرية فإذا حركنا الأنبوب لتختلط فإن احتمال انتظامها ضعيف يقدر بـ 0.489-14 .
يكشف المثال أن التفاعل في المادة الحية ليس تفاعلا أعمى ولا يفسر في نطاق مبدأ الحتمية.
النقد: يصدق هذا بكل تأكيد على الظواهر الحية الأكثر تعقيدا ذلك أن نشاط الخلايا مثلا يتم في نطاق الاختصاص.ومن العبث أن نلغي الدور والوظيفة الخاصة بالخلايا غير أن المبالغة في هذا الطرح تؤدي إلى اعتبارات ميتافيزيقية تعيق العلم يقول كلورد برنارد ناقدا الاتجاه الغائي: "إن التفسير الغائي عقيم شبيه بعذراء تقدم نفسها قربانا للآلهة".
التركيب: يتجه علماء البيولوجيا اليوم إلى دراسة الظواهر الحية في نطاقين حتمي وغائي كما لو كانت الظاهرة ضمن معلم يراعي الظاهرة في حتميتها وفي غائيتها.







01 – اثبات الحرية :


الحرية مبدأ مطلق لا يفارق الإنسان ، وهو أزلي يتخطى
مجال الدوافع الموضوعية والذاتية على حد سواء ويتمثل تارة في قرار الإنسان قبل
نزوله إلى الأرض ، وتارة في شعوره بالحرية أو كونه صاحب إرادة وقرار ، وتارة في
أعماق النفس وطبيعة الذات الوجودية .


الحرية الانسانية مطلقة لأن الله
بريء من أفعال البشر التي اختاروها بمحض إرادتهم ، وهذا ما أكد عليه أفلاطون من
خلال أسطورته المرتبطة بالجندي " آر " وهذا ملخص شاملها :" إن آر الجندي الذي استشهد في ساحة
الشرف يعود إلى الحياة من جديد بصورة لا تخلو من المعجزات ، فيروي ويصف لأصدقائه
الأشياء التي تمكن من رؤيتها في الجحيم حيث أن الأموات يطالبون بأن يختاروا بمحض
حريتهم مصيرا جديدا لتقمصهم القادم ، وبعد ذلك يشربون من نهر النسيان " ليثه " léthé
ثم يعودون إلى الأرض ، وفي الأرض
يكونون قد نسو بأنهم هم الذين اختاروا مصيرهم ويأخذون في اتهام القضاء والقدر ." وهذا دليل على أن الفرد هو الذي
يتحمل المسؤولية وليس الله لأن هذا الأخير بعيدا عن أفعال العباد الإرادية لأنه
بريء . وفي هذا الاتجاه يؤكد كانط أن الحرية علية معقولة متعالية ومفارقة للزمن
وليس بدعة أن يكون الإنسان حرا و مسؤولا ما دام اختياره الأصلي إنما يتحقق في عالم
مطلق معقول ، لا يخضع بأي حال لقيود الزمن ، وإن صاحب السوء هو الذي قد يكون اختار
بكل حرية تصرفه منذ الأزل بقطع النظر عن الزمن أو الطباع ، فالشرور الفاشية في
العالم إنما هي نتيجة حرية الاختيار


ويذهب المعتزلة بزعامة واصل بن
عطاء إلى أن شعور المرء أو إرادته هي
العلة الأولى لجميع أفعاله مستدلين على
ذلك بحجج عقلية وأخرى نقلية ، فالدليل العقلي يتمثل في أن الإنسان هو الكائن
الوحيد الذي يعي بالقدرة الإقدام أو الإحجام على فعل أمر ، ومما يؤكد هذا الأمر أن
الإنسان يفرق بين الأفعال التي يقوم بها كأن يطالع أو يكتب أو بين الأفعال التي
تجري عليه كرها كإرغامه على القيام بعمل ما
تقول المعتزلة :" إن الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل
على حسب الواعي والصوارف فإذا أراد الحركة تحرك ، وإذا أراد السكون سكن ."، ولهذا فإن التكليف مرتبط بالوعي ، ولما وجد الوعي وجد التكليف
وعلى هذا فإنه سيحاسب في الآخرة على الطاعة من جهة وعلى المعصية من جهة أخرى ،
وهذا برهانا على كمال عدل الله . واعتمدوا كذلك في إثبات دعواهم على
كثير من الآيات التي تنسب للإنسان الحرية كقوله في سورة الكهف آية 29 ": فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ." وقوله تعال في سورة الأعراف آية 23 :" ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا
وترحمنا لنكونن من الخاسرين .". وفي السياق نفسه نجد الفيلسوف
الفرنسي رونيه ديكارت حينما أكد على أن الحرية تدرك بطريقة مباشرة دون
الاستدلال أو البرهان عليها يقول :" إن حرية إرادتنا يمكن أن نتعرف
عليها بدون أدلة ، وذلك بالتجربة وحدها التي لدينا عنها ." وهنا نجد ديكارت يشبه الحرية
بالأمور البديهية التي تعود عليها الفرد والتي يتقبلها مباشرة .


هذا ونجد برغسون يرى أن الحرية هي
عين ديمومة الذات ، والفعل الحر يصدر في الواقع عن النفس بأجمعها وليس عن قوة
معينة تضغط عليها ، أو عن دافع بالذات يتغلب على غيره ، والديمومة عبارة عن تغبر
مستمر بحيث لا يمكن أن تتكرر حالتان متشابهتان تمام التشابه ، والعلة الباطنية
العميقة تنتج معلولها مرة واحدة ، ولكنها لا تنتجه بعد ذلك أبدا لهذا فالحرية تدخل
ضمن معطيات الشعور المباشر لا معطيات الحتمية العلمية التي يكشف عنها قانون العلية
، فالحرية ليست موضوع للتفكير أو التحليل يقول برغسون :" إن الفعل الحر ليس فعلا ناتجا عن
التروي والتبصر ، وإنه ذلك الفعل الذي يتفجر من أعماق النفس ." هذا التصور البرغسوني يؤكد على أن
الإنسان صانع أفعاله بحريته المطلقة دون الخضوع للتأثير الآلي المرتبط بمبدأ
الحتمية .


ما يثبت أن الفرد حر حرية مطلقة هو
أنه هو الذي يصنع هويته بنفسه ما دام لا يخضع لأي قوة أخرى ، هذا ما حاول أن يؤكد
عليه جون بول سارت بقوله :" إن الإنسان لا يوجد أولا ليكون بعد
ذلك حرا ، وإنما ليس ثمة فرق بين وجود الإنسان ووجوده حرا ." وهذا يثبت أن وجود الإنسان سابق
لماهيته أي أنه كائن أولا ثم يصير بعد ذلك هذا أو ذاك لأنه مضطر للاختيار
والمسؤولية .

وعليه
نجد هذه التصورات تثبت الحرية بالنسبة للإنسان ،لذا يجب أن يتحمل المسؤولية
الكاملة الناجمة عنها .

لكن القول بالحرية المطلقة تصور
مبالغ فيه كثيرا ، كونه تجاوز قانون الكون لهذا أصبحت هذه التصورات السابقة مجرد
وهم ، لأن الإرادة ليست تلك القوة السحرية التي تقول للشيء كن فيكون ،وتنفلت من كل
مؤثر خارجي كان أو داخليا لأن العوامل الإجتماعية والرغبات اللاشعورية والتقلبات
الجوية ، والمؤثرات البيولوجية لها تأثير على الإنسان لهذا فإن شعورنا بأننا أحرار
مصدر انخداع وغرور لأن الشعور ظاهرة ذاتية متغيرة من شخص لآخر ، لهذا فلا يمكن أن
نبني ما هو مطلق على ما هو متغير ، لذا فحرية برغسون هي حرية الفرد بمعزل عن
الآخرين ، أما عن تصور سارتر فهو تصور متشائم ينفي القدرة الإلهية ، كما أنه بدلا
من إثبات الحرية نفها بصورة غير مباشرة ،أما المعتزلة فجعلت من دور الدين من التعليم الثانوي ما
دام الفرد هو الذي يقوم بالفعل ، وبالتالي لا وجود للقضاء والقدر .

نفي الحرية :

ينفي بعض الفلاسفة الحرية عن الإنسان باسم الجبرية
تارة والحتمية تارة أخرى .

أنصار الجبرية :

الحرية
غير موجودة ما دامت أفعال البشر مقدرة عليهم من عند الله ، لهذا فإن الإنسان يخضع
مثله مثل الكائنات الأخرى لضرورة متعالية هي القدرة الإلهية ، هذا ما حاول أن يؤكد
عليه الجهمية بزعامة جهم بن صفوان ، فالله عز وجل خلق الإنسان وحدد أفعاله
وسلوكاته بقدرته الكلية المطلقة ، ولهذا فالإنسان مجبر على أفعاله ولا إرادة له
وعلى هذا الأساس تكون إرادتنا تابعة لنظام الكون ،فلا حول ولا قوة له لتجاوزه ،
واختياره ما هو إلاّ وهم ، والأفعال تنسب للإنسان على سبيل المجاز فنقول تحرك
الفرد ، وأثمرت الشجرة ،واستندوا في إثبات دعواهم على ما ورد في القرآن الكريم من
الآيات التي يفيد ظاهرها التسخير ، من ذلك قوله تعال في سورة التكوير الآية 29 :" وما تشاءون إلا ّ أن يشاء الله رب
العالمين."


نفي الحرية بإسم
الحتمية :

الحتمية مبدأ عقلي علمي يقوم أساس على القول بأنه
كلما توفرت نفس الشروط أدت إلى نفس النتائج ، وانطلاقا من هذا ذهب البعض إلى نفي
الحرية باسم هذا المبدأ الذي يسري على جميع الظواهر سواء الطبيعية أو الإنسانية .وأهم هذه الحتميات يمكن حصره فيما
يلي :

- الحتمية الحيوية "
البيولوجية "

يرى أنصارها أن سلوك الإنسان يخضع
إلى التغيرات الفيزيائية الكيميائية في الجسم ، ويستندون إلى بعض الحقائق العلمية
منها أن كل واحد عند الولادة يكون حاملا لمعطيات وراثية تتعلق بالعتاد الكروموزومي
الوراثي كالجنس " ذكر أو أنثى " والخصائص الأساسية للمزاج
والتشويهات المختلفة أو الألم الجنيني الذي يحدث نتيجة لما يصيب تطور المضغة خلال
الحمل .

الحتمية النفسية :

الظواهر
النفسية ليست سوى مجرد أحداث كونية يمكن تحديدها وتفسيرها والتنبؤ بها إذا عرفنا
شروطها ، وأسبابها وعللها القريبة أو البعيدة ، ومعنى هذا أن كل نشاط نفسي متوقف
على الحالة التي سبقته سواء كان وجداني كالأهواء والرغبات ، أو إدراك وتذكر مما لا
يدع مجالا للحرية ، ونجد هذا الزعم عند المدرسة السلوكية والتحليل النفسي ،
فالأولى – المدرسة السلوكية – ترى أن أفعال الإنسان تعود أفعال
المنعكس الشرطي التي تظهر في صورة مؤثر واستجابة ، وإذا ربطنا كل مؤثر باستجابة
معينة أمكننا أن نتنبأ بالإستجابة ، ولنوضح هذه الفكرة بالمثال التالي : فضروب السلوك التي نواجه بها
مؤثرات البيئة ما هي سوى منعكسات شرطية اكتسبت بالتجربة كالغضب يرجع مثلا إلى
الشتم او تضييق الحرية .أما مدرسة التحليل النفسي بزعامة
فرويد فترجع كل أفعال الإنسان إلى الرغبات المكبوتة في أعماق اللاشعور منذ عهد
الطفولة وبالتالي لا فعل للفرد وإنما كل أفعاله تحددها طبعة الرغبات المكبوتة .

الحتمية الإجتماعية :

يعتقد
بعض علماء الإجتماع بزعامة دوركايم أن
الظواهر الإجتماعية تسير وفق قوانين ثابتة تخضع لمبدأ الحتمية كغيرها من الظواهر
الطبيعية ، كعاداتنا وأفكارنا الناتجة عن التربية التي تلقيناها في الوسط الذي
نعيش فيه ، والطبقة التي ننتمي إليها ، مما يجعل هذا الوسط يحدد أفعال الفرد يقول
دوركايم :" إذا تكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم ." وهذا يعني أن الفرد مقيد بما يوجد
داخل المجتمع ، وبالتالي فشخصية الفرد هي شخصية الجماعة .

النقد :

لكن هل يمكن تصور الفرد دون عقل أو
تفكير ؟ لهذا فإن هذا التصور مبالغ فيه لأن القول بالجبر فيه ظلم والله لا يتصف
بهذه الصفة بل بالعدل ن فكيف نقول بالقضاء والقدر ثم نحاسب الفرد على الفعل في
الآخرة ، كما أن القول بالحتمية لا يعني نفي الحرية لأنها قد تكون من أسباب التي
تؤدي إلى النتائج ، كما أن نفي الشعور والإقرار باللاشعور جعل الإنسان والحيوان في
نفس المرتبة ، إضافة لهذا كله نجد أن شخصية الفرد ليست شخصية الجماعة

الحرية الإنسانية موجودة لكن ضمن شروط هذا ما حاول أن
يجسده ابن رشد حيث أكد أن الله منح العبد الإرادة ليصرف بها أمره ، وقدرة تمكنه من
فعل الشيء وضده ، وفي هذا ما يبرر تحمل مسؤوليته ، إلاّ أن هذه القدرة والإرادة
ليستا مطلقتين بل هما خاضعتان لأسباب داخلية كالغرائز والانفعالات والدوافع التي
خلقها الله في الفرد ، وخارجية تتمثل في البيئة التي نحتك بها ونحتاج إليها وكل
هذه الأشياء مقدرة عليه بقضاء الله وقدره ، وبالتالي الله خلق الإنسان وجعل له
العقل ليميز به بين الأفعال لهذا سيتحمل نتيجة فعله أمام الله .

** من خلال تحليل المواقف السابقة نجد
هناك تعارض في الآراء بين النافي للحرية والمؤيد لها لكن يمكن صياغة الإشكال
التالي والذي يمكننا من صياغة المسألة صياغة أخرى : هل يسعى الإنسان إلى
الحرية أم التحرر ؟

أو بعبارة أخرى هل
القضية تتعلق بحرية الإنسان أم تتعلق بتحرره ؟

التحرر مرتبط بالعمل على تجاوز كل الإكراهات والقيود ،
فالحرية والحتمية ضدان يمكن أن يصدقا أي الاعتراف بالحتمية والعمل للتحرر من منها . وهنا تعددت التصورات :

الماركسية
ترى أن الحرية الحقيقية تنحصر في حركة تحرر الإنسان من قوانين الطبيعة ومن الطبقية
، فالتحرر من قوانين الطبيعة يتم وفق معرفة قوانينها والسيطرة عليها لتحقيق بعض
الأهداف المعينة بطريقة ممنهجة ومرسومة ، فليس شك في أن حرية الإنسان قد تزايدت
بتزايد معارفه العلمية ، وقدراته الفنية واختراعاته الآلية ، وفيما يخص التحرر من
الطبقية فيتم بوعي الطبقة العاملة لاغترابها الاقتصادي من لدن الرأسماليين ،
وإسقاطها لقيام مجتمع طبقي تحيا فيه حياة حرة من كل استغلال ، وهكذا يكون الوعي هو
السبيل إلى التحرر سواء أكان ذلك على مستوى الطبيعة أم على مستوى المجتمع يقول
إنجلز :"فالإنسان لم يكن يتميز عن الحيوان
فإن سيطرته على نفسه وعلى الطبيعة لم تكن بعد قد تحققت ، وبالتالي فإن حظه لم يكن
يزيد عن حظ الحيوان منها ، ولكن من المؤكد أن كل خطوة خطاها في سبيل الحضارة لم
تكن سوى مرحلة من مراحل تحرره .".


وعليه فإن الحرية ليست سوى القدرة
على التحكم في أنفسنا وفي العالم الخارجي الذي يحيط بنا .وهذا ما أكدت عليه الشخصانية ، فهي
لا تعتبر الحرية مسألة ذاتية شعورية بل تعتبرها عملية تحرر مستمر ، وترى أن هناك
عدة وجوه لتحرر الشخص الموجود في المادة التاريخ ، والحاضر في الطبيعة ، فمن جهة أولى أن
الشخص مدعو للتحرر من طبيعته البشرية ، وذلك بإعلان الرغبات والميول والأهواء
وتجاوز أنانيته البيولوجية ، ومن جهة ثانية أنه مدعو للتحرر من كل حياة سهلة رخيصة
يهبها له المجتمع مقابل استسلامه لقسره المجتمعي ، ومن جهة ثالثة على الشخص أن
يتحرر من الضرورة الطبيعية بالاستقلال عنها يقول رائد هذا الاتجاه إيمانويل موني :" إن الحرية لا تكتسب بمضادات
الطبيعة إنما تكتسب بالانتصار عليها وبها ." والواقع أن الحرية الشخصانية هي
حريات أو عملية تحرر ماثلة في إسهامات الأشخاص السياسية والاقتصادية ، وفي محاربة
الشخص لنزوات طبيعته البشرية .


النقد :


هذه النظرة حاولت أن تبين لنا أن
الإنسان بالعلم والوسيلة يمكن له أن يتحرر من الحتميات التي هو خاضع لها ، إلاّ أن
العلم الذي توصل له الفرد لم يمكنه من التحرر تحررا مطلقا ، لأن الفرد كلما تحرر
من حتمية إلاّ ويجد نفسه أمام حتمية أخرى ، فبالعلم مثلا تمكن الإنسان من تسخير
الطبيعة لخدمته وتلبية حاجياته البيولوجية ، وتحويل المواد من حالة صلبة مثلا إلى
حالة سائلة ، لكن كثرة المصانع أدت إلى ارتفاع درجة الحرارة والتلوث ، وما ثقب
طبقة الأوزون إلاّ مبررا على أن تحرر الفرد نسبي وليس مطلقا .




السؤال: إذا كنت أمام موقفين يقول متعارضين يقول احدهما أن المفاهيم الرياضية في أصلها الأول صادرة عن العقل ويقول ثانيهما أنها صادرة عن التجربة مع العلم أن كليهما صحيح في سياقه ونسقه وطلب منك الفصل في الأمر لتصل إلى المصدر الحقيقي للمفاهيم الرياضية فما عساك أن تفعل؟
طرح المشكل منذ أن كتب أفلاطون على باب أكاديميته من لم يكن رياضيا لا يطرق بابنا. والمادة الرياضيات تحتل المكانة الأولى بين مختلف العلوم وقد ظهرت المادة الرياضيات كعلم منذ القدم لدى اليونانيين.وهي تدرس الكم بنوعيه المتصل والمنفصل وتعتمد على مجموعة من المفاهيم .وإذا كان لكل شيء أصل .ولكل علم مصدر فما أصل المادة الرياضيات وما مصدر مفاهيمها ؟فهل ترتد كلها إلى العقل الصرف الخالص, أم إلى مدركاتنا الحسية والى ما ينطبع في أذهاننا من صور استخلصناها من العالم الخارجي ؟ وبعبارة أخرى هل المادة الرياضيات مستخلصة في أصلها البعيد من العقل أم من التجربة؟
عرض الأطروحة الأولى: أصل المفاهيم الرياضية يعود إلى العقل
يرى العقليون أن أصل المفاهيم الرياضية يعود إلى المبادئ الفطرية التي ولد الإنسان مزودا بها وهي سابقة عن التجربة لان العقل بطبيعته ,يتوفر على مبادئ وأفكار فطرية .وكل ما يصدر عن هذا العقل من أحكام وقضايا ومفاهيم ,تعتبر كلية وضرورية ومطلقة وتتميز بالبداهة والوضوح والثبات ومن ابرز دعاة هذا الرأي نجد اليوناني أفلاطون الذي يرى أن المفاهيم الرياضية كالخط المستقيم والدائرة .واللانهائي والأكبر والأصغر ......هي مفاهيم أولية نابعة من العقل وموجودة فيه قبليا لان العقل بحسبه كان يحيا في عالم المثل وكان على علم بسائر الحقائق .ومنها المعطيات الرياضية التي هي أزلية وثابتة , لكنه لما فارق هذا العالم نسي أفكاره ,وكان عليه أن يتذكرها .وان يدركها بالذهن وحده . ويرى الفيلسوف الفرنسي ديكارت أن المعاني الرياضية من أشكال وأعداد هي أفكار فطرية أودعها الله فينا منذ البداية وما يلقيه الله فينا من أفكار لا يعتريه الخطأ ولما كان العقل هو اعدل قسمة بين الناس فإنهم يشتركون جميعا في العمليات العقلية حيث يقيمون عليه استنتاجاتهم ويرى الفيلسوف الألماني "كانط" إن الزمان والمكان مفهومان مجردان وليس مشتقين من الإحساسات أو مستمدين من التجربة ,بل هما الدعامة الأولى لكل معرفة حسية
نقد الأطروحة الأولى :لا يمكننا أن نتقبل أن جميع المفاهيم الرياضية هي مفاهيم عقلية لان الكثير من المفاهيم الرياضية لها ما يقابلها في عالم الحس.ومادة التاريخ العلم يدل على أن المادة الرياضيات وقبل أن تصبح علما عقليا ,قطعت مراحل كلها تجريبية .فالهندسة سبقت الحساب والجبر لأنها اقرب للتجربة
عرض الأطروحة الثانية أصل المفاهيم الرياضية هي التجربة
يرى التجريبيون من أمثال هيوم ولوك وميل أن المفاهيم والمبادئ الرياضية مثل جميع معارفنا تنشا من التجربة ولا يمكن التسليم بأفكار فطرية عقلية لان النفس البشرية تولد صفحة بيضاء .فالواقع الحسي أو التجريبي هو المصدر اليقيني للتجربة.وان كل معرفة عقلية هي صدى لادراكاتنا الحسية عن هذا الواقع .وفي هذا السياق يقولون (لا يوجد شيء في الذهن ما لم يوجد من قبل في التجربة )ويقولون ايضا (ان القضايا الرياضية التي هي من الأفكار المركبة ,ليست سوى مدركات بسيطة هي عبارة عن تعميمات مصدرها التجربة )ويقول دافيد هيوم ( كل ما اعرفه قد استمدته من التجربة) ففكرة الدائرة جاءت من رؤية الإنسان للشمس والقرص جاءت كنتيجة مشاهدة الإنسان للقمر. والاحتمالات جاءت كنتيجة لبعض الألعاب التي كان يمارسها الإنسان الأول .وقد استعان الإنسان عبر المادة التاريخ عند العد بالحصى وبالعيدان وبأصابع اليدين والرجلين وغيرها ,والمفاهيم الرياضية بالنسبة إلى الأطفال والبدائيين .لا تفارق مجال الإدراك الحسي لديهم ,وان ما يوجد في أذهانهم وأذهان غيرهم من معان رياضية ما هي إلا مجرد نسخ جزئية للأشياء المعطاة في التجربة الموضوعية.
نقد الأطروحة الثانية :لا يمكننا أن نسلم أن المفاهيم الرياضية هي مفاهيم تجريبية فقط لأننا لا يمكننا أن ننكر الأفكار الفطرية التي يولد الإنسان مزود بها.وإذا كانت المفاهيم الرياضية أصلها حسي محض لاشترك فيها الإنسان مع الحيوان التركــــــــــــــــــيب :إن أصل المفاهيم الرياضية يعود إلى الترابط والتلازم الموجود بين التجربة والعقل فلا وجود لعالم مثالي للمعاني الرياضية في غياب العالم الخارجي ولا وجود للأشياء المحسوسة في غياب الوعي الإنساني .والحقيقة أن المعاني الرياضية لم تنشأ دفعة واحدة ,وان فعل التجريد أوجدته عوامل حسية وأخرى ذهنية
الخاتمة :إن تعارض القولين لا يؤدي بالضرورة إلى رفعهما لان كلا منهما صحيح في سياقه , ويبقى أصل المفاهيم الرياضية هو ذلك التداخل والتكامل الموجود بين العقل والتجربة .ولهذا يقول العالم الرياضي السويسري غونزيث (في كل بناء تجريدي ,يوجد راسب حدسي يستحيل محوه وإزالته .وليست هناك معرفة تجريبية خالصة ,ولا معرفة عقلية خالصة.بل كل ما هناك أن أحد الجانبين العقلي والتجريبي قد يطغى على الآخر ,دون أن يلغيه تماما ويقول" هيجل" "كل ما هو عقلي واقعي وكل ما هو واقعي عقلي



المشكلة الأولى : السؤال والمشكلة

كارل ياسبيرس : أن الأهم في الفلسفة السؤال ، ويجب أن يتحول كل جواب الى سؤال من جديد ...
كارل ياسبيرس: يدفعنى الاندهاش الى المعرفة ، فيشعرنى بجهلى
يقول جون ديوي : ان التفكير لا ينشا الا اذا وجدت مشكلة ....
برتراند راسل : ان الفلسفة توسع عقولنا وتحررها من عقال العرف والتقاليد
يقول هيدجر "الحقيقة هي الحرية أي انها نوع من العلاقة بين الإنسان والعالم"
علم النفس التربوي :" إن التعليم يتأسس على التساؤل ، والتعلّم عن طريق التساؤل الذي تحرّكه الرغبة ويحفّزه الفضول كما أن كل معرفة اكتسبتاها أو سوف نكتسبها هي في الحقيقة جواب عن سؤال ."
كان سقراط يتجوّل في أسواق أثينا ويتحاور ويتساءل مع الناس حول عدّة قضايا كالعدل القضاء الحق ...........
الفيلسوف الألماني " فريدريك نيتشه" :" أن كبريات المشاكل تملأ الشوارع "
المشكلة الثانية: المشكلة والإشكالية
جميل صليبا: " الإشكال عند الفلاسفة صفة لقضية لا يظهر وجه الحق فيها ويمكنها أن تكون صادقة إلا انه لا يمكن أن نقطع بصدقها ."
لا لاند :" الإشكالية علو وجه الخصوص سمة حكم أو قضية قد تكون صحيحة ( ربما تكون حقيقة ) لكن الذي يتحدّث لا يؤكد صحّتها ."
الإشكالية الثانية : في آليات التفكير المنطقي
الفلاسفة : " المنطق آلة قانونية (اورغانون- ارسطو ) تعصم مراعاتها الذهن من الخطأ في التفكير ."
جيفونز :" المنطق هو علم قوانين الفكر " أرسطو : " المنطق هو التحليل ."
ماريتان: المنطق هو الصناعة التي تجعلنا نتصرّف بنظام وبسهولة ودون خطأ في عمل العقل ذاته من حيث هو عقل نظري
بوروايال: المنطق هو الصناعة التي يحسن بها الإنسان قيادة عقله في معلم الاشياء عند التعلّم أو التعليم ."
الفرنسي رابيي :" المنطق هو العلم الذي يشمل على شروط مطابقة الفكر لذاته ( لنفسه) وشروط مطابقة الفكر لموضوعاته ( الأشياء الخارجية ) ، التي متى اجتمعت كانت الشروط الضرورية والكافية للصدق والحقيقة ."

الإشكالية 2 المشكلة الاولى كيف ينطبق الفكر مع نفسه / في انطباق الفكر مع الواقع /
آرسطو : المنطق آلة تحصيل العلوم
إبن سينا : القياس هو قول مؤلف من أقوال إذا وضعت لزم عنها - بالذات ل بالعرض - قول آخر غيرها إضطرارا
ليبنتز : فيلسوف ورياضي المانى : إن مبادىء الغقل هي عصب وروح الاستدلال وهي ضرورية له كضرورة العضلات والأعصاب لظاهرة المشى
غوبلو : فيلسوف ورياضي فرنسي : المنطق الصوري تحصيل حاصل - أي عقيم -
الغزالى - بعد لمراجعة شاملة بعض آرائه - : من لم يتمنطق لن يوثق
يقول ابن خلدون ''تطابق الفكر مع نفسه قد يؤدي إلى نتائج تتنافى مع الواقع لأن الصدق في الإستدلال الإستنتاجي مرهون باتساق النتائج مع المقدمات وليس مع الواقع وكل قول بالتطابق مع الواقع يعد تعسفا ''

المشكلة الثانية: كيف ينطبق الفكر مع الواقع.
الاستقراء: المنطقيون: " هو الحكم على الآمر الكلي لثبوت الحكم الجزئي."
أبو حامد الغزالي : " الاستقراء إن تتصفّح جزئيات كثيرة داخلة تحت معنى كلي واحد حتى إذا وجدت حكما في تلك الجزئيات حكمت به على ذلك الكلي ."
فرانسيس بيكون :" الاستقراء هو استخلاص واستنتاج للقواعد العامة الكلية من الأحكام الجزئية ."
الملاحظة: فيريمان : " ان الملاحظة هي مشاهدة الظواهر على ماهي عليه في الطبيعة ."
الفرض رائع العلمي: كلود برنارد : " إن الفرض رائع العلمي هو المنطلق الضروري لكل استدلال تجريبي ."
ويقول : " إن الملاحظة توحي بالفكرة والفكرة تقود إلى التجربة وتوجهها والتجربة تحكم بدورها على الفكرة ."
ويقول المعارضون الفكرة الافتراض كخطوة في المنهج الاستقرائي : نيوتن: " أنا لا أصطنع الفروض رسمية ( الفرض رائعيات ."
ماجندي لتلميذه كلود برنارد : " أترك عباءتك وخيالك عند باب المخبر . " وكذلك جون ستيوارت ميل ..
التجربة : كلود برنارد / " أن التجريب هو الوسيلة الوحيدة التي نمتلكها لنطّلع على طبيعة الأشياء التي هي خارجة عنّا ."
القانون : " القانون هو التعبير عن العلاقات الضرورية الموجودة بين الظواهر تعبيرا رياضيا كميا ."
وكذلك : " القانون هو الربط بين متغيرات بعضها ببعضها في علاقات متبادلة تصاغ على شكل دلالات رياضية ."
جميل صليبا - صاحب المعجم الفلسفي - : الاستقراء هو الحكم على الامر الكلى لثبوت ذلك الحكم على الجزئي
كلود برنارد: الحادث يوحي بالفكرة، والفكرة تقودنا الى التجربة وتوجهها ، والتجربة تحكم بدورها على الفكرة / هذا القول يلخص خطوات المنهج التجريبي غاليلي : الطبيعة كتبت قوانينها بلغة رياضية
يقول كلود برنارد''الفرض رائع هو المنطلق الضروري لكل استدلال تجريبي''
كما يقول دافيد هيوم أيضا ''مبدأ السببية مبدأ عقلي لكنه مستوحى من الواقع وذلك لتقارب بين السبب والنتيجة''
القياس : ابن سينا : " القياس المنطقي ( الاستدلال غير المباشر ) قول مؤلّف من أقوال اذا وضعت لزم عنها بذاتها ، لا بالعرض قول آخر غيرها اضطرارا ."
المذهب العقلاني: رواده : افلاطون ديكارت ، مالبرانش ، ليبنتز ، سبينوزا .
الأمثلة والأقوال : الكندي : " العقل حر بسيط مدرك للأشياء بحقائقها ."
الماوردي : " إن العقل هو العلم بالمدركات الضرورية."
القدامى : " العقل ضرب من العلوم الضرورية يؤكد استحالة اجتماع الضدين و ويمنع كون الجسم في مكانين ."
المذهب التجريبي : روّاده : فرانسيس بيكون ، دافيد هيوم ، جون لوك .....
الأمثلة والأقوال :
جون لوك : " لو كان الناس يولدون وفي عقولهم أفكار فطرية لتساووا في المعرفة ."
ويقول : " لو سألت الإنسان متى بدأ يعرف لأجابك متى بدأ يحس ."
ويضيف : " لنفرض رائع أن العقل صفحة بيضاء خالية من أية كتاب كاملة وأي معنى ، فكيف استعدت لأن تتلقى ما يلقى إليها؟ ومن أين لها ذلك المستودع العظيم الذي نقشه عليها خيال الإنسان ؟ ومن أين لها كل مواد الفهم والمعرفة .عن كل هذه الأسئلة أجيب بكلمة واحدة : التجربة ."




مقالة جدلية حول أصل المفاهيم الرياضية /هل المفاهيم الرياضية مستمدة من العقل أو التجربة؟
تمهيد و طرح الإشكالية :تنقسم العلوم إلي قسمين علوم تجريبية مجالها المحسوسات ومنهجها الاستقراء كالمادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية وعلوم نظرية مجالها المجردات العقلية ومنهجها الاستنتاج كالمادة الرياضيات هذه الأخيرة أثارة جدلا حول أصل مفاهيمهاومبادئها فإذا كنا أمام موقفين أحدهما أرجع المادة الرياضيات إلى العقل والأخر ربطهابالتجربة فالمشكلة المطروحة : هل المعاني الرياضية مستخلصة من أصلها البعيد من العقل أو التجربة ؟
التحليل: محاولة حل الإشكالية
عرض الأطروحة الأولى :يرى العقليون (المثاليون )أن المفاهيم الرياضية مستخلصة من أصلها البعيد من العقل وهي فطرية قائمة في النفس وهكذا المادة الرياضيات بناء استدلالي والاستدلال نشاط عقلي فينتج عن ذلك أن المفاهيم والمبادئ الرياضية من طبيعة عقلية , هذا ما ذهب إليه أفلاطون الذي قال في كتاب كامله الجمهورية ( عالم المثل مبدأ كل موجود ومعقول أن المعرفة تذكر والجهل نسيان) وأكد أفلاطون في محاورة مينوت أن البعد قادر على أن يكشف بنفسه كيفية وإنشاء شكل مساوئ مربع معلوم ومن دعاة هذه الأطروحة ديكارت الذي قال في كتاب كامله التأملات (المعاني الرياضية أفكار فطرية أودعها الله فينا منذ البداية) وهم يبررون موقفهم بحجج متنوع من أهمها الرموز الجبرية اللانهائية مفاهيم رياضية لا صلة لها بالواقع الحسي كما أنها تتصف بثلاثة خصائص, مطلقة , ضرورية , كلية, فلا يعقل أن تنتج عن العالم الحسي وتعود هذه الأطروحة إلى كانط الذي ربط المعرفة بما فيها المادة الرياضيات , بمقولتين فطريتين هماالزمان والمكان أي أن المادة الرياضيات في أصلها معاني فطرية لأنهاشيدت على أسس فطرية فالمفاهيم الرياضية في أصلها البعيد مستمدة من العقل .
النقد : هذه الأطروحة نسبية لأنه لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية مغروسة في النفس لتساوى في العلم بها جميع الناس لكن الأطفال لايدركون المفاهيم الرياضية إلا من خلال المحسوسات
عرض الأطروحةالثانية :يرى التجريبيون ( الحسويون) أن المعاني الرياضية مصدرها التجربة أي المفاهيم الرياضية إذا تم تحليلها فإنها ستعود إلى أصلها الحسي ومثال ذلك أن رؤية النجوم أوحت بالنقاط والقمر يرتبط بفكرة القرص لذلك قال الحسيون << العقل صفحة بيضاء والتجربة تكتب عليه ماتشاء >> وهم يبررون موقفهم بما توصل إليه علماء الأنتروبولوجيا الذين أكدوا أن الشعوب البدائية إستعملت الحصى وأصابع اليدين والرجلين عند حساب عدد الأيام والحيوانات التي يمتلكونها ومواسم السقي المحاصيل الزراعية مما يثبت أن المفاهيم الرياضية أصلها حسي ليس هذا فقط إن المفاهيم الهندسية كالطول والعرض إنما هي مكتسبة بفضل الخبرة الحسيةلذلك قال ريبو<< حالة الشعور التي ترافق بعض أنواع الحركات العضلية هي الأصل في إدراكنا للطول والعرض والعمق >> ومن أدلتهم أيضا أن الهندسة مادة التاريخيا هي أسبق في الظهور من الحساب والجبر و السر في ذلك أنها مرتبطة بالمحسوسات ولو كانت المفاهيم الرياضية في أصلها مجردات عقلية لظهر الجبر قبل الهندسة كل ذلك يثبت أن المفاهيم الرياضية أصلها حسي
النقد: صحيح أن بعض المفاهيم الهندسية أصلها حسي لكن أكثرالمفاهيم كالجبر لا علاقة لها بالواقع الحسي.
التركيب : لاشك أن المعرفة جهد إنساني ومحاولة جادة لفهم ما يحيط بنا من أشياء وإجابتك على مايدور في عقولنا من جهد وبناء مستمر وهذا مايصدق على المادة الرياضيات وكحل توفيقي لأصل المفاهيم الرياضية نقول المادة الرياضيات بدأت حسية ثم أصبحت مجردة وهذا ما وضحه جورج سارتون بقوله ( المادة الرياضيات المشخصة هي أول العلوم نشوءا فقد كانت في الماضي تجريبية ثم تجردت وأصبحت علما عقلية )
خاتمةوحل الإشكالية : نستنتج أن المادة الرياضيات علم يدرس المقدار القابل للقياس بنوعيه المتصل والمنفصل وقد تبين لنا أن المشكلة تدور حول أصل المفاهيم الرياضية فهو هناك من أرجعها إلى العقل وأعتبرها فطرية وهناك من أرجعها وربطها على أساس أنها حسية نستنتج أن مصدر المفاهيم الرياضية هو تفاعل وتكامل القول مع التجربة




لقد جاءت العلوم الإنسانية متأخرة النشأة قياسا بالعلوم الدقيقة، كما جاءت تلك النشأة، كنتيجة لما بدأت المجتمعات الحديثة تعرفه من قضايا نفسية واجتماعية جديدة ارتبطت بتطورها السريع.. هكذا أصبحت هذه العلوم تسعى إلى تحويل الإنسان إلى ظاهرة قابلة للدراسة العلمية الموضوعية. إلا أن تميز الإنسان واختلافه عن الظواهر الطبيعة جعل العلوم الإنسانية تعرف مشاكل إبيستيمولوجية من نوع خاص، ومن ثم بدأ العلماء يتساءلون حول مدى قدرة هذه العلوم على بلوغ دقة العلوم الطبيعية. لذا بدأ التحليل الإبيستيمولوجي يحاول المساهمة في حل القضايا ومعالجة الإشكاليات خصوصا منها تلك التي تربط بالمنهاج..
وحتى نتمكن من الوقوف على بعض الإشكاليات المرتبطة بالعلوم الإنسانية، سنحاول الاهتداء بالتساؤلات التالية: هل الظاهرة الإنسانية قابلة للدراسة العلمية الموضوعية؟ ما هي قدرة العلوم الإنسانية على فهم وتفسير الظواهر الإنسانية؟ هل يجب أن تؤسس العلوم الإنسانية نفسها ضرورة على نموذج مقترح العلوم الطبيعية؟
1. موضعة الظاهرة الإنسانية : يعتقد جان بياجي P. Piaget أن إشكالية موضعة الظاهرة الإنسانية جد معقدة نظرا لطبيعة العلاقة التي تربط الذات بالموضوع. فالذات التي تجرب على نفسها وعلى الغير تتغير نتيجة لما لاحظته، وما قامت بتجربته، كما تعمل على التأثير فيما تدرسه وتغير من مجراه ومن طبيعته. وهذا نموذج مقترح من الإشكاليات لا تعرفه العلوم الطبيعية، ففي هذه العلوم يستطيع العالم أن يميز نفسه عن الظاهرة المدروس مفصلةة
أما في العلوم الإنسانية فإن إشكالية العلمية تظل قائمة لاعتبارين هما:
o عدم الوضوح الكافي للحدود الفاصلة بين الذات والموضوع.
o اعتقاد العالم بأنه يملك قبليات معرفية تجعله قادرا على الاستغناء عن التقنيات العلمية.
انطلاقا مما سبق يتبين أن إشكالية العلمية في العلوم الإنسانية تتحدد أساسا في التداخل بين الذات والموضوع الذي يشكل عائقا مركزيا يحول دون قدرة هذه العلوم على موضعة الظاهرة الإنسانية بشكل دقيق، الأمر الذي يسمح لجان بياجي بالتأكيد أن الباحثين في العلوم الإنسانية ينطلقون من خلفيات فلسفية وأيديولوجية.
وفي المقابل، يحاول فرانسوا باستيان F. Bastian أن يقلل من أهمية التداخل بين الذات والموضوع في العلوم الإنسانية، حيث يبين أن طبيعة الظاهرة المدروس مفصلةة تحتم انخراط العالم في مجتمعه، ومن ثم يتبين أن الانفصال الذات والموضوع أمرا غير قائم حتى لو أراد العالم ذلك.. إن هذا ما يفسر، في اعتقاد باستيان، لماذا ركز رواد العلوم الاجتماعية على ضرورة تحقيق هذا التباعد وبالتالي أهمية اتخاذ مسافة بين العالم والمجتمع. هكذا دعى دوركايم Durkheim، مثلا، إلى ضرورة اعتبار &quot;الظواهر الاجتماعية بمثابة أشياء&quot;، كما أكد ماكس فييبر M. Weber على ضرور التمييز في المنظومة القيمية بين ما هو محلي وما هو كوني..
مما تقدم يتبين أن إشكالية موضعة الظاهرة الإنسانية، إشكالية إبيستيمولوجية، تتمركز أساسا حول التداخل الموجود بين الذات والموضوع، الأمر الذي ينفتح على التساؤل حول نوعية الوظائف العلمية التي تضطلع بها هذه العلوم الإنسانية، وما هي قدرتها على فهم الظواهر وتفسيرها؟


2. الفهم والتفسير في العلوم الإنسانية
يعتقد ليفي ستروس Lévi-Strauss أن العلوم الطبيعية علوم تفسيرية وتنبئية على الرغم من الصعوبات التي تطرحها العلاقة الموجودة بين الوظيفتين. لكن الأمر يختلف فيما يخص العلوم الإنسانية، لأن هذه العلوم لا تقدم سوى تصورات فضفاضة. وعلى الرغم من أنها علوم مهيأة في الأصل لكي تقوم بوظائف تنبئية إلا أن تنبؤاتها غالبا ما تكون خاطئة.
لهذا يرى ليفي ستروس أن العلوم الإنسانية تتموقع في الحقيقة بين التفسير والتنبؤ، وهذا لا يعني أن هذه العلوم غير ذات أهمية لأنها قادرة على أن تقدم للممارسين نوعا من الحكمة التي تتأرجع بين المعرفة الخالصة والمعرفة النافعة..
أما فيلهلم دلتاي Wilhelm Dilthey فله تصور مغاير تماما، حيث ينطلق من التمييز الميتودولوجي بين مساري كل من العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية. فإذا كانت الأخيرة تنظر إلى موضوعها باعتباره ظواهر خارجية ومعزولة؛ فإن العكس هو الذي يجب أن يحدث في العلوم الإنسانية، لأنه يجب أن نتمثل الحياة النفسية كوجود أولي وأساسي موجود في كل مكان. ومن ثم، تصبح العلوم الإنسانية وسيلة لفهم الحياة باعتبارها كلا معطى في التجربة الداخلية.. لذا أصبح من الضروري أن تختلف المناهج التي تعتمدها العلوم الإنسانية عن تلك المعتمدة في العلوم الطبيعية.
إن ما أكده دلتاي يدفع إلى طرح التساؤل التالي: هل يمكن للعلوم الإنسانية الاستغناء عن نموذج مقترحية العلوم التجريبية؟
3. نموذج مقترحية العلوم التجريبية
تتوقف علمية العلوم الإنسانية في نظر الباحثين لابورت-تولرا ووارنيي ( Laburthe-Tolra et Warnier ) على إدراك أن هذه العلوم تفترض أن تكون الذات هي نفسها الموضوع المدروس مفصلة علاوة على أن العالم يعتبر طرفا وحكما في نفس الوقت، إلا أن ذلك لا يجب أن يؤثر في النظرة إلى القيمة العلمية لهذه العلوم، لأن الغاية الإبيستيمولوجية لإبراز التداخل الموجود بين الذات والموضوع يتحدد أساسا في تسطير الشروط المنهجية التي يجب اعتمادها والتي يجب أن تتوفر في العلوم الإنسانية. بل من المؤكد أن المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية المعاصرة تعرف نفس الإشكاليات، مما جعلها تأخذ بعين الاعتبار تدخل الملاحظ في بناء الظاهرة مما يؤكد غياب القطيعة بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية..
أما الفيلسوف ميرلوبونتي Merleau-Ponty فينظر إلى العلم باعتباره مجرد معرفة بعدية تأتي بعد حقيقة العالم المعيش الذي يعبر عن التجربة الأساسية للوجود الإنساني. ومن ثم، لا يجب أن ننظر إلى الإنسان باعتباره موضوعا لعلوم طبيعية أو إنسانية. فالذات الإنسانية تمثل المصدر الحقيقي للعالم المادي، فلولا وجود الذات لما كان للعالم أبعاد ولا جهات.. ومن ثم فالواقع يوجد انطلاقا من الذات ومن أجلها..
كتخريج عام، يتأكد أن إشكالية النموذج مقترحية التي يطرحها وجود العلوم الطبيعية، إشكالية ساعدت العلوم الإنسانية في البحث على تطوير نفسها وبالتالي البحث عن مناهج تتميز عن المنهاج التجريبي. وهكذا تظل الإشكاليات المطروحة ليس بالضرورة تشكيكا في القيمة العلمية لهذه العلوم، وإنما يتعلق الأمر بنقاش إبيستيمولوجي من شأنه أن يغني العلوم الإنسانية، ويدفع بها إلى تتوخى الدقة من خلال إدراك خصوصيات الموضوع المدروس مفصلة. لأن جميع الصعوبات تتمثل في طبيعة الظاهرة الإنسانية باعتبارها ظاهرة معقدة، متغيرة، وواعية علما بأن الدارس هو من نفس طينة الموضوع المدروس مفصلة





أدعوا لي بالفرج و المال الكثير الحال و الزوجة الصالحة



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى