المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قيموهالي



linnou
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 07:50 AM
المقدمة
كانت الحياة البدائية للانسان تسير وفق قانون الغاب حيث البقاء يكون للاقوى فالقوي يكون له الحق بان ياخذ اي شيئ مادام يستطيع الا ان هذا القانون زرع الفوضى وحصدت منه المجتمعات قديما الاضطرابات والاصطدامات المختلفة الى ان شرعت القوانين وضبطت العلاقات بقواعد تنظيمية خاصة ومن هنا انطلق كنتيجة حتمية من ذلك مصطلحان اساسيان من القانون هما الحقوق والواجبات فاذا كانت الحقوق تعني كل مايسمح له ومالايمكن انكاره من الامور الثابية فان الواجب هو كل مايطلب به القانون ومالايمكن الاتفاق على تركه من الامور وانطلاقا من المصطلحين تثار المشكلة الفلسفية هنا
هل يجب ان نمكن الفرد من حقوقه الكاملة وبعدها نطالبه بواجباته ام ينبغي ان يكون هناك اولا عمل من طرف الفرد لواجباته حتى يحصل على حقوقه؟
: الحق أسبق من الواجب وهو الذي يؤسسه، فقبل أن نطالب الناس بواجباتهم علينا أن نمكنهم قبل كل شيء من حقوقهم، لأن الحق سابق لكل واجب.
الحجة: وما يؤكد ذلك أن فلاسفة القانون الطبيعي على اختلافهم، يقرون بأن العدالة تقتضي أن تتقدم فيها الحقوق على الواجبات، فمادة التاريخ حقوق الانسان مرتبط بالقانون الطبيعي الذي يجعل من الحقوق مقدمة للواجبات، كون الحق معطى طبيعي، يقول الفيلسوف الألماني وولف (1679-1754) في كتاب كامل القانون الطبيعي: "كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا نبغي مطلقا قانونا طبيعيا، بل بالأحرى الحق الذي يتمتع به الانسان بفضل ذلك القانون". أما ظهور الواجب فقد ارتبط بضرورة الحياة الجماعية داخل الدولة. فسلطة الدولة حسب فلاسفة القانون الطبيعي مقيدة بقواعد هذا الأخير، الأمر الذي يبرر أسبقية الحق على الواجب.
أما الفيلسوف الانجليزي جون لوك (1632-1704) فيرى أنه لما كانت الحقوق الطبيعية ترتبط ارتباطا وثيقا بالقوانين الطبيعية، وكانت الواجبات ناتجة عن القوانين الوضعية، أمكن القول أن الحق سابق للواجب من منطلق أن القوانين الطبيعية سابقة للقوانين الوضعية. كون المجتمع الطبيعي سبق المجتمع السياسي، فإن الحقوق الطبيعية بمثابة حاجات بيولوجية يتوقف عليها الوجود الإنساني، كالحق في الحرية والحق في الحياة والحق في الملكية، ذلك أن جميع الواجبات ستسقط إذا ضاع حق الفرد في الحياة. يقول جون لوك: "لما كانت الحقوق الطبيعية حقوقا ملازمة للكينونة الانسانية، فهي بحكم طبيعتها هذه سابقة لكل واجب".
وقد جاء أيضا في المادة الثالثة من إعلان حقوق الانسان والمواطن الصادر عن الثورة المادة الفرنسية عام 1789م والذي تأثر بفلاسفة القانون الطبيعي، أن "هدف كل جماعة سياسية هو المحافظة على حقوق الانسان الطبيعية التي لا يمكن أن تسقط عنه، هذه الحقوق هي الحرية والملكية والأمن، ومقاومة الاضطهاد".
فمن الجانب الاخلاقي فكل فرد له الحق في ان يكون له كرامة وان يعيش في عزة وان يسمو شرفه ويصان عرضه اما من الجانب الاجتماعي التي تعتبر ابوابها واسعة ومجالاتها مختلفة ومطالب الافراد فيها متنوعة فكل فرد له الحق في الشغل يبعده عن الرذيلة ويوفر له الامن والاستقرار وان يذهب للمدرسة ليطفئ الجهل وان يكون له بيت ياويه
إن فلاسفة القانون الطبيعي وحتى المنظمات الدولية لحقوق الانسان أقروا الحقوق وقدسوها، وفي المقابل تجاهلوا الواجبات، وفي ذلك إخلال بتوازن الحياة. كما أن إقرار هؤلاء حقوقا مقدسة للفرد أهمها أحقيته في الملكية؛ إنما هم يدافعون بقصد أو بغير قصد عن حقوق الأقوياء بدل حقوق الضعفاء، على اعتبار أن الملكية غير متيسرة للجميع؛ بقدر ما تكون حكرا على الطبقة الحاكمة، لأن طغيان الحقوق على الواجبات في مجتمع ما يؤدي إلى تناقضات واضطرابات.كما ان المطابة بالحقوق ونسيات الواجب يكون مشاكل جديدة على راسها الكسل
: وخلافا لما سبق، يرى العقلانيون وعلى رأسهم الألماني كانط (1724 - 1804)، والوضعيون وعلى رأسهم الفيلسوف الاجتماعي الفرنسي أوغست كونت (1798-1857)، يرون أن للواجب أسبقية منطقية وأفضلية أخلاقية على الحق، وأنه من الضروري أن يبدأ الناس بأداء واجباتهم كي يحق لهم المطالبة بحقوقهم.
الحجة: إن الفلسفة العقلية تضع الواجبات في المقام الأول ولا تعير اهتماما للحقوق، لأن فكرة الواجب لذاته (بالمعنى الذي يحدده كانط)، يبرر أسبقية الواجبات على الحقوق، فعندما أعين ضعيفا أو أساعد عاجزا على اجتياز الطريق؛ أرى أن ذلك من واجبي لكنني لا أشعر أنه حقا له علي، كما أنني لا أنتظر مقابلا من هذا العمل، مما يعني أنه واجب منزه عن كل حق.
أما بالنسبة إلى أوغست كونت وتماشيا مع نزعته الوضعية التي تتنكر لكل ميتافيزيقا، فيرى أنه لو أدى كل فرد واجبه لنال الجميع حقوقهم، لأن حق الفرد هو نتيجة لواجبات الأخرين نحوه، وهذا يعني أن تحديد الواجب سابق لإقرار الحق.
كما أن على الفرد واجبات، وليس له أي حق بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة، لأن مجرد مطالبة الفرد بحق؛ فكرة منافية للأخلاق، لأنها تفترض مبدأ الفردية المطلق، والأخلاق في حقيقتها ذات طابع اجتماعي. يقول أوغست كونت: "إن مراعاة الواجب ترتبط بروح المجموع".
إن الطرح الذي قدمته كل من الفلسفة الكانطية والفلسفة الوضعية يهدم العدالة من أساسها، كونه يبترها من مقوم أساسي تقوم عليه؛ ألا وهو الحق، فكيف يمكن وافعيا تقبل عدالة تغيب فيها حقوق الناس؟ كما أن مادة التاريخ التشريعات الوضعية التي يدافع عنها كونت تبطل ما ذهب إليه، فلا يوجد قانون وضعي يفرض رائع الواجبات على الأفراد دون أن يقر لهم حقوقا
نلخص إذن من كل ما تقدم، أنه إذا كان لفرد ما حق، فعلى الآخر واجب إشباع هذا الحق، فحق الفرد في استخدام ملكيته يتضمن واجب جيرانه في عدم التعدي على تلك الملكية، وإذا كان للفرد حق، فمن واجبه استخدام هذا الحق في الصالح العام لمجتمعه بما يكفل للفرد كرامته وللمجتمع انسجامه. إن هذا التناسب بين الحقوق والواجبات هو الذي يحقق العدل، لأن أي طغيان لطرف على حساب آخر؛ ينتج الظلم والجور والاستغلال، وهذا التكافؤ بين الحقوق والواجبات هو العدل بعينه، وما العدل في حقيقته إلا تعادل وفي تعادل لا سبق لأحد الطرفين ولا قيمة لهذا السبق، ومن ثم الحق يكمله الواجب ليحدث ذلك التوازن و التعادل
وفي الاخير نقول ان العدالة فضيلة انسانية سامية تقوم على اساس التوافق والانسجام بين الطرفين هما الحق والواجب ومنه يصبح على الفرد الحاكم العادل ان يلزم المحكومين باداء واجباته وعليه ان يسهر في المقابل على تادية حقوقه



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى