المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحرية و التحرر: هل الإنسان مسير أم مخير؟



walid
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 07:18 AM
الحرية و التحرر: هل الإنسان مسير أم مخير؟

مقدمة: تتنوع أفعال الإنسان و تتعدد بحسب المصدر و الغاية فهناك أفعال غريزية ثابتة تهدف إلى تحقيق مطالب البيولوجية و هناك المنعكسات الشرطية من صيغة منبه واستجابة و بينهما تظهر الأفعال الإرادية بمراحلها المختلفة (التصور،المداولة، الاختيار،التنفيذ).
* هذه الأخيرة توصلنا إلى مسألة فلسفية هي مسألة الحرية؟

الرأي الأول: ذهب أنصار هذه الأطروحة الإنسان مسير و معنى ذلك أن السلوك الإنساني يسير في دائرة الحتمية فهو يفتقد إلى عنصر الإرادة و قدرة الاختيار و السبب في ذلك أن وجود الحتمية يلغي بضرورة وجود الحرية فعلى المستوى العضوي تظهر الحتمية البيولوجية حيث أثبت الروسي بافلوف أن السلوك الإنساني هو سلوك آلي حيث إذا توفرت المنبهات تحدث حتما الاستجابة و هي فكرة وافق عليها الأمريكي واتسون و تؤثر الغدد الصماء على كامل الشخصية حتى أن وليام جيمس قال (نحن تحت رحمة غددنا الصماء فهي المسؤولة عن عواطف المرأة و الشابة و انفعالات الشيخ الكبير)أما على المستوى النفسي فقد أثبت فرويد (الإنسان سجين عقده و مكوناته) و حجته في ذلك أن السلوك الإنساني يجري من مجرى اللاشعور و يرى آدلر أن الشعور بالنقص هو محرك نشاط الإنسان مما يجعل الفرد في حالة بحث دائم عن التعويض بالإضافة إلى ذلك الطبع ينفي الحرية فصاحب الطبع الانفعالي يغلب عليه المزاج العصبي و الانفعال محدود التصورات و على المستوى الاجتماعي تعتبر الأحكام التي يطلقها الإنسان صدى لثقافة المجتمع .فالإنسان لم يختر اسمه و لا أسرته أو لغته مما جعل دوركايم (إذا تكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم).

نقد: التسليم بالحتمية يعني عدم القدرة على تغيير حياة الإنسان غير أن المادة التاريخ يقدم أمثلة عن الأشخاص غيرو مسار حياتهم و مجتمعاتهم .

الرأي الثاني: ذهب أنصار هذه الأطروحة إلى القول أن الإنسان مخير في السلوك الإنساني إرادي يرتبط بوجود 0القدرة على الاختيار) و حجتهم في ذلك أن شهادة الشعور تثبت وجود الحرية حيث أثبت المعتزلة في الفلسفة الإسلامية وجود ما يسمى الأفعال الإرادية و قالوا (الإنسان يحس من تلقاء نفسه وقوع الفعل فإذا وقع أراد الحركة تحرك و إذا أراد السكون سكن ) و هكذا يعتبر الحدس النفسي أداة ضرورية لفهم الحرية و هذا ما أشار إليه في الفلسفة الحديثة ديكارت قائلا (لا يصح أن أشك من أن الله لم يهبني حرية اختيار أو إرادة ذات حظ كاف من الرحابة الكمال فالواقع أن تجارب وجداني تشهد بأن لي حرية لا تحصرها و لا تحبسها حدود ) و ترى هذه الأطروحة أن التجربة النفسية تظهر أن الحرية نشعر بها أثناء الفعل و بعده فالندم مثلا تجربة نفسية تدل على أن صاحب الفعل قام بفعله بحرية كاملة و في هذا المعنى قال بوسوي (كل من يسعي إلى صوت قلبه و يستشير نفسه يشعر بحرية إرادته كما يشعر يدركه و يفعله ) و أثبت الفرنسي جون بول سارتر (أن افنسان يولد أ ولا ثم يكون شخصيته أي الوجود أسبق من الماهية ) و الإنسان يشعر بقدرته على إعدام الأشياء أو ما يسمى بالرفض فهو حر في تكوين شخصيته و قسم برغستون الأنا إلى قسمين: أنا سطحي يتجلى في المعاملات اليومية و هو جانب لا وجود للحرية فيه، و أنا عميق يتمثل في تلك اللحظات التي يجلس فيها الإنسان مع نفسه و يشعر بحريته الكاملة إنه يفكر دون قيود فالحرية فهذا المعنى تدرك بالحدس النفسي.
كما أثبت بعض فلاسفة الحرية عن طريق البرهان الأخلاقي قال كانط (كان يجب عليك فأنت تستطيع) أي القيام بالواجبات يدل على وجود الحرية نو استعمل بعض آيات قرآنية تثبت حرية الاختيار (من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر) و قال تعالى (إنا هديناه السبيل إما شكورا و إما كفورا).

نقد: لا يمكن اعتبار الشعور حجة في إثبات الحرية لأنه متغير و قد يكون مجرد وهم و خداع تركيب تتجلى حقيقة الحرية في الممارسة العملية لأن الشعور لا يصلح لإثبات الحرية لأن ذلك الشعور يتجاهل وجود الحتميات نقال ايمانويل موبي(إن الحرية ليست معطى أولي للشعور و انعدام الاعترافات بالحتميات مخادعة من مخادعات الشعور) و هذه الحقيقة أثبتها سبينوازا حيث رأى الإنسان يجهل الدوافع الحقيقية لأفعاله و يتظاهر بأنه صاحب ذلك الفعل . إن الحرية الحقيقية تشترط الفهم الفلسفي و العلمي لمختلف الحتميات ثم العمل عل وضع الحلول المناسبة لتلك الحتميات فعلى المستوى النفسي يستطيع الإنسان التغلب على عقده و مكبوتاته و من ثمة التحرر عن المشاكل النفسية عندما يعتمد على علم النفس و يرسم خططا مناسبة و كما قال لايبنتر (كلما كان سلوكنا أكثر مطابقة لأحكام العقل كانت حريتنا أوسع و كلما كان خضوعنا لأهوائنا أشد كانت عبوديتنا أعظم) و على المستوى الاجتماعي يستطيع الإنسان أن يتحرر من سلطة العادات و التقاليد عندما يوظف علم الاجتماع فيهم الأسباب الحقيقية و كما قال بول فاليري (كلما اعترف الإنسان بالحتمية اكتشف الوسائل التي تساعده على تحويلها لصالحه




https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى