المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالة متوقعة جدا جدا آداب و فلسفة



Chakira
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 06:56 AM
-ما طبيعة العلاقة الرابطة بين اللغة والفكر :أهي اتصال آم انفصال؟
فقد تعددت الآراء وتنوعت مؤكدة على أن هناك أفق واسع وشامل للفكر على أفق اللغة أو اللغات مجتمعة, إذا ما اعتبرنا أن اللغة هي وسيلة للتواصل الإنساني , وكذلك تنوعت وسائلها من حيث الرسوم والرموز أي المكتوب والمنطوق والمرموز والمرسوم هي من أخوات اللغة , وقد أنتجها التفكير الإنساني لمساعدة الفكر وفي انجاز مهامه الأخرى المتتالية.‏
فيتوزع الباحثين في هذا المجال , فمنهم من يرى أن هناك تكاملا فيما بينهما وفق دلائل وقرائن ويجد فريق ثاني بأن لا توجد علاقة بينهما فهما موضوعين منفصلين ويأتي فريق أكثر اعتدالا بأنه يوجد ترابط بينهما وكل واحد يودي وظيفة ما , وكل واحد مساعد للآخر بل أن كل واحد لا يستطيع أن ينفصل عن الآخر , فهل هذا في نهايته يفضي إلى القول أن هناك اندماج وظيفي بينهما؟‏
- ولكن لا أحد يختلف مع الآخر على أن الفكر سابق على اللغة , ولكن العاطفة سابق على الفكر, وهذا ما نجده عن الإنسان في سنواته الأولى من العمر, فيقول ميخائيل نعيمة في غرباله «الفكر كائن قبل اللغة , والعاطفة قبل الفكر , فهي الجوهر وهي القشور , ومن تعس البشرية إن تفقد مقدرة قراءة الأفكار».‏
وكذلك يؤكد ديكارت على هذا المبدأ « بأن الفكر سابق على اللغة , وأن الفكر يستخدم اللغة لكي يعبر عن نفسه» وهذا ما يؤكد لنا المقولة بأننا نفكر قبل أن نتكلم وتبدو المسألة أكثر منطقيا عندما نقول بأننا نتكلم لكي نعبر عن أفكارنا فهذه ربما تكون من المسلمات أيضا, وقد عبر هرموجينس عن نظرية اللغة « إن الاسم الذي نطلقه على الشيء , هو الاسم الصحيح فإذا استعضنا عنه أتى الثاني صحيحا كالأول , نغير أسماء عبيدنا , بدون أن يكون الاسم الجديد أقل حظا في الدقة من السابق وذلك لأن الطبيعة لا تأخذ على عاتقها أن تطلق أسماء خاصة على أشياء خاصة ,التسمية وليدة التكرار والعادة , عند الذين زاولوا فعلتها»‏
- الفكر أوسع من اللغة , والفكر يأخذ أبعادا أخرى , لا تتعلق باللغة من حيث التصورات, ولكنه يحملها مضامين تلك الأفكار, من أجل توصيلها بالشكل الذي يريد توصيلة , بموجب العقد اللغوي فيما بين أبناء من يتكلمون تلك اللغة , وذلك العجز اللغوي, وليس عجزا فكريا ,عندما تكون هناك عملية الترجمة , فهي تتحدد نتائجها في بعض الأحيان من خلال النصوص المترجمة, فيذهب بريق الفكرة في اللغة , وهذه الإشارات ربما تكون الشرارة التي يمكن من خلالها أن تتولد منها أفكار جديدة وحديثة, أو تكون مساعدة لأفكار تتحدد معالمها في المستقبل , فاللغة وسيلة للتعبير, ولكن الفكر ذو وجه واحد ومتعدد المقاييس والأبعاد, وبهذا تتعدد اللغات ,والإنسان منطقيا يتفق بمجموعة من المعطيات من الدلائل والقرائن ,ويبدو أيضا أن الفكر ذو وجه واحد.‏
*أن الفكر يتجاوز اللغة إذ أحيانا يجد الإنسان في نفسه معنى يصعب التعبير عنه لغويا, لأن الألفاظ لا تعبر إلا عن أمور سهلة , تعارف عليها المجتمع خلاف ما نجده,عندما نريد التعبير عن أفكار عاطفية أو فنية أو صوفية , وهذا يعني أن الفكر أوسع بكثير من اللغة, واللغة تبدو محدودة , بينما المعاني ليست محدودة, بمعنى أن اللغة ليست في مقدورها أن تعبر عن الفكر , قصور اللغة في ترجمة الفكر ترجمة كاملة.‏
*إن الفكر متصل والألفاظ منفصلة, وهذا معناه أن اللغة قابلة للتحليل والتركيب, بينما الفكر في ذهن صاحبه عبارة عن معاني متصلة ومتدفقة لا تسعها الألفاظ , ولذلك فإن الفكر أقوى من اللغة, لكن إذا تم تجسيد الأفكار في الألفاظ , فهذا يؤدي إلى فقدان قوته وقيمته, فاللغة تعرقل الفكر وتجمد بريقه, ولذلك قال برغسون «إن الألفاظ قبور المعاني « وقال أيضا «إنها لا تسجل من الشيء سوى وظيفته الأكثر شيوعا»‏
إن برغسون يؤكد أن دائرة الفكر أوسع من دائرة اللغة , وهذا لا يدعنا للجزم بانفصال الفكر عن اللغة حيث يتعارض مع الواقع, لأنه ليس من المنطق تصور شيء لا اسم له, ولا يمكن الفصل بين معنى ومعنى آخر, إلا إذا ترجمت تلك المعاني في قوالب لغوية أي في عبارات أو جمل , فلا يوجد تمايز في الأفكار فيما بينها , إلا إذا اندرجت في قوالب لغوية , يؤكد معظم فلاسفة اللغة على وجود وحدة عضوية بين اللغة والفكر.‏
فقد قال هاملتون إن المعاني شبيهة بشرار النار لا تومض إلا لتغيب , ولا يمكن لإظهارها وتثبيتها إلا بالألفاظ ويرى أيضا أن الألفاظ حصون المعاني.‏
- اللغة والفكر مرتبطان: وهذا ما يراه ميرلوبونتي (أن هناك ارتباطا دياليكتيكيا بين اللغة والفكر، ولا يمكن اعتبارهما، في أي حال من الأحوال، موضوعين منفصلين, إن التفكير الصامت الذي يوحي لنا بوجود حياة باطنية هو ? في الحقيقة- مونولوج داخلي يتم بين الذات ونفسها، لأن اللغة والفكر يشكلان وجودا علائقيا مرتبطا ومتزامنا) كما ترى الدراسات اللسانية المعاصرة، فترى كريستيفا « أن بين اللغة والفكر علاقة تلازم وتبعية»وتؤكد الباحثة أيضا على « أن اللغة منظورا إليها من خارج تكتسي طابعا ماديا متنوعا: فيمكنها أن تتمظهر في صورة سلسلة من الأصوات المنطوقة، أو في صورة شبكة من العلامات المكتوبة، أو على شكل لعبة من الإيماءات، وهذه الحقيقة المادية تجسم ما نسميه فكرا، أي أن اللغة هي الطريقة الوحيد التي يمكن أن يوجد بها الفكر، بل هي حقيقة وجوده وخروجه إلى الوجود» كما تقول كريستيفا « إن اللغة هي جسم الفكر»‏
أما رأي دولا كروا في هذا المجال لم يكن بعيدا عن ذلك المسار في عمق التفكير وعمق اللغة وكل واحد منهم صدى للآخر» نحن لا نفكر بصورة حسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أو سيئة».‏

نجد لدى دوسوسير في محاضراته في الألسنية نظرة مماثلة» فهو يرى أن الفكر بدون لغة عبارة عن كتلة من الضباب لا شيء فيها يبدو متميزا واضح المعالم» إن العلامات اللسانية في نظره هي التي تجعلنا قادرين على التمييز بين الأفكار، لا وجود إذن لأفكار قائمة بذاتها، ولا يمكن الحديث عن أفكار واضحة ومتميزة قبل ظهور اللغة وهكذا، كما يقول ديكارت» فإذا كنا نتكلم , فإننا لا نتكلم لنعبر عن الأفكار بل نتكلم لنفكر، لننتج الأفكار» وليحصل لنا الوعي بها, والدليل على ذلك هو أن الكلام الداخلي مع الذات لا يظهر إلا عندما تفكر, إننا نتكلم لنفكر, إن اللغة على حد تعبير ميرلوبونتي (أن اللغة حافز الفكر كما أن الفكر حافز اللغة، كل واحد منهما يدفع بالآخر إلى التحقق في الوجود) إن الفكرة في نظره لا تكون فكرة إلا عندما بتم التصريح بها، ولا يتحقق حضورها حتى بالنسبة لذاتها إلا بالكلام, وإذا كانت الفكرة في حاجة إلى اللغة لكي تتحقق، فإن اللغة بدورها في حاجة إلى الفكر, ومعنى ذلك أنه عندما نفكر نتكلم، وعندما نتكلم نفكر, إن قدرتنا اللغوية تحدد قدرتنا على التفكير، والعكس صحيح.‏
- ونعود مرة أخرى فنجد دوسوسير « يرى أن الفكر بدون لغة عبارة عن كتلة من الضباب لا شيء فيها يبدو متميزا واضح المعالم» وأن العلامات اللسانية في نظره هي التي تجعلنا قادرين على التمييز بين الأفكار, لا وجود إذن لأفكار قائمة بذاتها، ولا يمكن الحديث عن أفكار واضحة ومتميزة قبل ظهور اللغة, وهكذا، فإذا كنا نتكلم , فإننا لا نتكلم لنعبر عن الأفكار كما يقول ديكارت، بل نتكلم لنفكر، لننتج الأفكار، وليحصل لنا الوعي بها, والدليل على ذلك هو أن الكلام الداخلي مع الذات لا يظهر إلا عندما تفكر, إننا نتكلم لنفكر, إن اللغة على حد تعبير ميبلوبونتي « إن الفكرة في نظره لا تكون فكرة إلا عندما بتم التصريح بها، ولا يتحقق حضورها حتى بالنسبة لذاتها إلا بالكلام» وإذا كانت الفكرة في حاجة إلى اللغة لكي تتحقق، فإن اللغة بدورها في حاجة إلى الفكر, ومعنى ذلك أنه عندما نفكر نتكلم، وعندما نتكلم نفكر, إن قدرتنا اللغوية تحدد قدرتنا على التفكير، والعكس صحيح.
- ولا أعتقد بان هناك توضيح في هذا المجال ليؤكد علاقة اللغة بالفكر مثل تعبير دوسوسير بقوله « يمكن تشبيه اللغة بورقة يكون الفكر وجهها الأول , والصوت وجهها الثاني , ولا يستطيع فصل أحد الوجهين عن الأخر, والأمر نفسه بالنسبة إلى اللغة, إذ لا يمكن عزل الصوت عن الفكر ولا الفكر»‏
- اللغة والفكر منفصلان : ويتجسد في موقف برغسون الذي يتلخص في ترجيح كفة انفصال اللغة عن الفكر وعجزها عن التعبير عنه, وتلتقي مع برغسون في عدة جوانب , من أبرزها جانب الصوفية, فما قد يفهمه الجمهور بما لا يستطيع فهمه فيرى ذلك بأنه كفر وشرك وهذا يوجد بكثرة في كلام وشطحات المتصوفة (كقول الحلاج مثلا: ما في الجبة إلا الله , أو قول البسطامي: سبحاني ما أعظم شأني) ، تعجز اللغة عن ترجمتها والتعبير عنها بإخلاص. لا يؤكد ذلك في العمق, لأن التجربة الصوفية تجربة روحية باطنية ووجدانية فردية.‏
- إذا كان التفكير مستقل عن التعبير, فاللغة تتحدد ضمن بيئة اجتماعية ضاقت أم اتسعت, وهي شارحة لصورة التفكير الفردي أو الجمعي, في حين أن التفكير يأخذ عوالم ذاتية وخارجية, وهذا ما يتجسد في الحالات الصوتية أحيانا بأننا لا نفهم تلك العوالم لما يمكن أن تحدده تلك التصورات والفيوض التي تتجلى لهم في بعدها الشاقولي نحو الخالق, ولا تستطيع أن تعبر عنها اللغة , ونجد ذلك عند المتصوفة , حتى يقال بأن الأشياء أكثر سموا هي التي يتعذر علينا التعبير عنها , وهذا يحتاج إلى جدال فكري.‏
- هل التفكير يتم في صمت مطبق : هذا ما أكده هيجل في قوله « إننا نفكر داخل اللغة, ولا يحصل لنا الوعي بأفكارنا المحددة الواقعية إلا عندما نمنحها شكلا موضوعيا ونفصلها بذلك عن حياتنا الداخلية، ونضفي عليها شكلا خارجيا، ولكن هذا الشكل ينطوي بدوره على خاصية من خصائص الأنشطة الذاتية الداخلية»‏
إن كل لغة تحمل في طياتها نظرة متميزة إلى العالم, فضلا عن أنها أداة للتواصل، فهي نظرة إلى العالم في جوانب متعددة , وتشكل خصوصية متميزة وتختلف تلك التصورات باختلاف اللغات,ولا توجد نظرة واحدة للعالم من منظور اللغة ، ربما يكون له منعكس غير ايجابي في عملية التواصل فيما بين الشعوب, وبالتالي مهما كانت مستويات الترجمة فإن تلك الأحاسيس والمشاعر لا تنتقل من لغة إلى لغة أخرى بفضل تلك الخصوصية.‏
كما أن اختلاف اللغات يؤدي إلى تنوع طرق التفكير، وهو ما تؤكده البحوث التي أجريت في ميدان علم النفس المعرفي خلال العقود الأخيرة, فقد أثبتت هذه البحوث أن أساليب التفكير تختلف من ثقافة إلى أخرى, وتبين أن مختلف اللغات تصنف الكائنات تصنيفا مختلفا, ومن هنا تأتي صعوبة الترجمة, فقد يتمكن المترجم من ترجمة الكلمات، ولكنه لن يستطيع ترجمة أسلوب التفكير الذي تعبر عنه وتحدده, هناك إذن علاقة جدلية بين الفكر واللغة, فالفكر يحتاج في وجوده إلى اللغة, وفي المقابل تؤثر اللغة في الفكر وتحدده.‏
وتبقى المسألة أكثر حراكا في منظومة المفاهيم ,إن لم تكن جوهر الفصل في كل المفاهيم ,وقدرة اللغة على استيعاب الفكر الذي أنتج المعاني وقبل ذلك قد أنتج اللغة.‏



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى