المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مبدأ السببية - الحتمية ....في العلم



romaissa
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 06:44 AM
http://img256.imageshack.us/img256/9415/95851889.png
http://www.zyzoom.org/vb/image.php?u=128816&type=sigpic&dateline=1293210613

http://www.zyzoom.org/vb/vb_cache/cf0e903df6e0843e468bbacb4961c163.png
مبدأ السببية - الحتمية ....في العلم
http://www.zyzoom.org/vb/vb_cache/3d6c3f7db67189575f556dc279280dce.png


http://r17.imgfast.net/users/1711/35/42/13/avatars/172-61.gif


إذا كانت فكرة السبب لها موضع مركزي في العلوم كونها هي المنتجة للقوانين العلمية، فإن الاستقراء يبقى واحدًا من الأسس التي اعتمدتها قوانين العلم بالانطلاق من مبدأين حسب ما يرى “غوبلو”:

1- مبدأ النظام في الطبيعة، أي الثبات وعدم الاستثناء.

2- مبدأ الشمول الذي يعني أن كل الظواهر تنتظم حسب قوانين عامة.

وعن هذين المبدأين ينتج ما نسميه بالمذهب الحتمي. فالحتمية إذًا هي المبدأ الذي يرتكز عليه العقل العلمي. ولقد بيّن “كلود برنارد” ذلك في قوله: إن الحتمية هي مطلقة وكاملة فهي تنطبق على الأجسام الحية كما تنطبق على الأجسام الجامدة. وهذا المبدأ الحتمي هو ضروري جدًا للعلم، ولا يمكن للعالم أن يشك فيه. هذا يعني أن العلم التجريبي يجب أن يطرد كل معطى يناقض هذا المبدأ. وهذا ما اقتنع به “غوبلو” حين قال: الطبيعة لا تخضع لا للصدف ولا للأمزجة ولا للعجائب، كما أنها لا تتصرف بحرية كاملة.

فالعلم هو حتمي وإما أن يكون كذلك أو لا يكون حسب ما يعتقد “بوان كاريه”. يقول “دوبروغلي” عن الحتمية الفيزيائية: بالنسبة لعالم المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية نتحدث عن الحتمية في المعرفة الفيزيائية حين تكون الأحداث التي نلاحظها في الحاضر أو في المستقبل مربوطة بمعارفنا عن قوانين الطبيعة، مما يسمح لنا بأن نعرف مسبقًا وبصورة دقيقة ومنضبطة أن هذه الظاهرة أو تلك ستحدث في هذا الوقت أو في أوقات لاحقة متعينة.

ظلّ مبدأ الحتمية سائدًا وغير مشكوك بصحته حتى نهايات القرن التاسع عشر. وكان العلماء والفلاسفة يعتبرونه منطلقًا يقينيًا وأكيدًا. وهذا ما صرّح به “لابلاس” حين قال: علينا أن نتعامل مع الوضع الراهن للكون وكأنه الأثر الناتج عن حالته السابقة من جهة أولى، وعلى أنه السبب الذي عنه تتأتى حالته اللاحقة من جهة ثانية… فالعقل، بإنتاجه لقوانين العلم، قد وعى كامل قوى الطبيعة المحركة للظواهر والمتحكمة بها. ولا شيء يستطيع أن يخرج عن هذا اليقين العلمي، فالمستقبل كما الماضي هو حاضر في عيون العلم.

هذا التصور العلمي يقود إلى نزعة الجبرية كونه يعتبر أن المعرفة المسبقة بما سيحصل (التنبؤ La prévisibilité) هي من خصائص العلم المنضبط الذي ينطلق من منظومة محددة ويتنبأ بما سيحدث في المستقبل.

الحتمية، الصدفة، الاحتمال:
http://www.zyzoom.org/vb/vb_cache/fb4a9ba2949035eb170974d08394a1e5.gif



خلافًا لهذا التصور الحتمي المبسط، يوجد في الطبيعة حالات في غاية التعقيد، يصعب علينا فيها التأكد من خضوعها لمبدأ الحتمية. وهذا ما يدفعنا إلى القول بالصدفة، إذ يجد العالم نفسه أحيانًا أمام مسائل معقدة، تتشابك فيها الأسباب والعوامل، مما يجعل التفسير الحتمي غير قابلٍ لاستيعابها. وهذا بالتحديد ما نطلق عليه تسمية الصدفة.

بالنسبة للعالم فإن مفهوم الصدفة هو مختلف عن الفهم الشعبي الساذج. فالصدفة ليست غيابًا للحتمية بل هي نوع من عدم التحديد أو التقاطع أو التشابك في الأسباب المنتجة للحدث.

يكتب “اميل بوريل” في هذا الصدد أن الظاهرة التي نطلق عليها تسمية الصدفة تخضع لمجموعة معقدة من الأسباب لا يمكننا تحديدها بالكامل ولا دراستها بصورة مكتملة. فعلى سبيل المثال فإن الصاعقة التي تضرب بناءً حديثة في لحظة تدشينه وافتتاحه، نعتبرها محض صدفة. ولكن هل يعني ذلك أن قوانين الكهرباء قد أصابها الخلل؟ بالتأكيد لا، إلاّ أنّ التقاء مجموعتين من الأسباب المستقلة الواحدة منهما عن الأخرى، أي ترافق سقوط الصاعقة مع لحظة الافتتاح، يجعلنا نتحدث عن الصدفة. وهذا هو رأي “كورنو” الذي اعتبر أن الصدفة هي نتيجة لتلاقي سلاسل مستقلة من الأسباب، وليست ناتجة عن جهل الإنسان، ولا هي مناقضة لمبدأ السببية، بل إنها مظهر من مظاهر السببية ذاتها، نجده في الحوادث المادية والظواهر البشرية.

ولتوضيح ذلك نفترض أن صديقين التقيا اتفاقًا وعرضًا. فإن لكل منهما أسبابه التي دفعته إلى نقطة اللقاء. فأحدهما كان ذاهبًا لزيارة أحد أقاربه، والآخر كان على موعد مع طبيبه، فسلسلة الحوادث التي قام بها الصديقان، كل من جهته، كانت حتمية، أما التقاء هاتين السلسلتين فقد كان صدفة واتفاقًا، وهذا يعني أن الصدفة تعني التقاء سلسلتين من الأسباب، ولا تعني غياب الأسباب.

والأمر نفسه يطالعنا في المثال التالي: السيد “ديبون” تألم من أسنانه وأراد أن يذهب إلى طبيب الأسنان. هذه مجموعة أولى. والطريق التي يسلكها للوصول إلى الطبيب فيها منزل قديم على سطحه واحدة من أحجار القرميد قد تصدعت وأصبحت قابلة للسقوط. عندما وصل السيد “ديبون”، وقعت هذه القرميدة على رأسه فمات. بالتالي فإن التقاء هاتين المجموعتين شكل ما نسميه بالصدفة خاصة وأن واحدة منهما تختص بالإنسان. فلو فرض رائعنا أن القرميدة وقعت على حجر لما استطعنا أن نتحدث عن الصدفة.

وإذا كانت الصدفة هي نتاج لتشابك معقد من الأسباب، فإن بعض العلوم حاولت أن تعتمد على حساب الاحتمال لكي تكشف عن بعض السببيات المعقدة. ويستند حساب الاحتمال على معاينة عدد كبير من الظواهر للوصول إلى نتيجة. وقد استخدمت هذه الحسابات على سبيل المثال في العلوم الاقتصادية وفي المادة الجغرافيا وغيرهما..

ففي المادة الجغرافيا ندرس من التعليم المتوسط الأعمار، وفي الاقتصاد تتم دراسة الدخل السنوي للفرد، ولكن لا يخفى على أحد أن هذه الدراسات تدور في حقل من العمومية لا ينطبق على كل حالة من الحالات بمفردها. فلا أحد على سبيل المثال يستطيع أن يعرف اللحظة التي سيموت فيها أحد الأفراد. لكن مع ذلك يبقى مفيدًا الحصول على هذه الإحصاءات، إذ بالإمكان استثمارها من الوجهة العملية. وهذا ما تقوم به على سبيل المثال شركات التأمين التي تأخذ بعين الاعتبار هذه الحسابات قبل أن تتعاقد مع الأشخاص الذين يرغبون بالتأمين على الحياة.

وبالرغم من أن حسابات الاحتمال ليس لها أي تفسير سببي واضح، إلا أنها تعتمد على حتمية مخبوءة تنكشف من خلال الاعتماد على قانون الأعداد الكبرى. وهذا ما يقوله “مارش”: إن قانون الأعداد الكبرى لا يستنتج إلا من افتراضات حتمية.

فعلى سبيل المثال نحن نعرف أن حجر اللعب في الرولات يقذفه اللاعب وهو إما أن يصيب الأحمر أو الأسود. ولا يوجد أي قانون يمكنه أن يتنبأ مسبقًا بإصابة واحد من اللونين. ولكن إذا قمنا بعشرة آلاف ضربة متتالية، نكون على يقين تام بأن نصف الضربات سيكون أحمرًا والنصف الآخر أسودًا. وكلما ازدادت الأعداد بالكبر، تصبح الحتمية قريبة من اليقين والضرورة.

ونذكر بأحد الأمثلة الشهيرة لـ “بوريل” حيث يقول: إن احتمال انقلاب الماء التي نصبها على النار إلى ثلج، هو شبيه تمامًا باحتمال انقلاب اللعب بالإشارات والحروف على لوحة مفاتيح الكمبيوتر إلى موسوعة علمية مرتبة في أبوابها وموضوعاتها.

وإذا كانت المادة الرياضيات تقيس الصدفة عن طريق حساب الاحتمالات بتحديد فرص وقوع حادث ما عن طريق الصدفة، فلا يعني ذلك أن حساب الاحتمالات والإحصاء هو حساب للصدفة، بل هو بيان لحتمية مجهولة جزئيًا، وافتراض لوجود حتمية وراء الظاهرة التي حدثت صدفة. فحساب الاحتمالات يطبق على الطبيعة إذا أعوزتنا معرفة الوقائع معرفة حتمية، إما بالنظر لصغر العوامل أو لسرعتها أو لتشابكها. لذلك لا يصح القول أن حساب الاحتمالات يشكل انتقادًا لمبدأ الحتمية.




الحتمية واللاحتمية:
http://www.zyzoom.org/vb/vb_cache/fb4a9ba2949035eb170974d08394a1e5.gif

تعتبر المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية التقليدية أن مبدأ الحتمية هو حقيقة مطلقة خاصة في المجال الماكروسكوبي. لكن الانتقال الفيزيائي إلى المجال الميكروسكوبي = (عالم الذرات والإلكترونات) مع بداية القرن العشرين، أفضى إلى الشك في مبدأ الحتمية.

ويبدو أن مبدأ اللاحتمية قد وجد سندًا له في المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية الحديثة لدى بعض العلماء من مثل “هيزنبرغ” الذي رأى أن قوانين الميكانيك الكلاسيكية المطبّقة على العالم الأكبر (عالم المركبات) لا تنطبق على العالم الأصغر (عالم اللامتناهي في الصغر). وهذا ما أكّده “هايزنبرغ” عندما استحال عليه التحقق على وجه الدقة من وضع الجسيم وسرعته في آن واحد. وفي هذا مخالفة تامة لما كانت تفترضه المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية التقليدية.

وللتعبير عن هذا اللاتحديد ابتدع “هيزنبرغ” علاقة الارتياب =( عدم التحديد Relation d’incertitude

وإذا كانت المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية الكلاسيكية تقوم على أساس أن الكون والظواهر الطبيعية تخضع بداهة لحتمية دقيقة كما يرى “بوانكريه”، فإن المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية الحديثة = (الميكرومادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية) لا تسمح لنا بالقول بحتمية دقيقة تتحكم بالإلكترون وعالم الذرة. لذلك فإن التفسير العلمي المعاصر يستبدل الحتمية بالاحتمال والتقدير التقريبي وأحيانًا بالإحصاء، إذ ليس من دقة يقينية تعبّر عن موقع وسرعة الإلكترون، لأننا بمقدار ما نقترب من تحديد موقع الإلكترون نبتعد عن تحديد سرعته، والعكس صحيح.

وهكذا نجد أن تطور المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية من مادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية قديمة إلى مادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية معاصرة (ميكرومادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية) أدى إلى تطور مفهوم الحتمية عن طريق الانتقال من العالم الأكبر إلى العالم الأصغر مما أدى إلى القول بحتمية جزئية بدل الحتمية الكلية التي افترضها “لابلاس”.

لكن هذا الفهم الجديد للحتمية لا يستطيع بأي شكل من الأشكال أن ينقلب إلى إيمان بلا حتمية مطلقة وكاملة، لأن مثل هذا الاعتقاد يزعزع المعارف والعلوم، ويؤدي إلى انفلات الظواهر من أية قوانين أو تفسيرات علمية تضبطها.

ولذلك فإن أول من اعترض على القائلين باللاحتمية هو الفيزيائي “أينشتاين” الذي اشتهر بجملته “لا أعتقد أن الله لعب بالنرد مع البشر”. فاللاحتمية بالنسبة له هي حل مؤقت وآني لأن التقنية لم تمنح العلم بعد الأدوات الدقيقة والكافية للكشف عن الحقائق. ولذلك فإن الشك وعدم الثبات واللاحتمية ستبقى من المبادئ التي تتأسس عليها نسبية العلوم.

http://www.zyzoom.org/vb/vb_cache/fb4a9ba2949035eb170974d08394a1e5.gif
المرجع
سمير زيدان-كلية التربية- جامعة لبنان

http://r17.imgfast.net/users/1711/35/42/13/avatars/172-61.gif

http://img259.imageshack.us/img259/1486/50097607.png

متمنيا لكم طيب المتعه والفائده
http://gif.vip600.com/smiles/30/bloem_16.gif
http://www.zyzoom.org/vb/vb_cache/37c8dab9b2a83f196f9fae494377f15a.gif







https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى