المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالة فلسفية



romaissa
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 06:42 AM
للطلبة المهتمين بالفلسفة شعبة علوم تجريبية / تقني رياضي / تسيير و اقتصاد / لغات
أقترح عليكم هذا الموضوع
قال أحدهم: « العلم نافذة يطل منها الفيلسوف على العالم» فهل يلزم من هذا تبعية الفلسفة للعلم؟
ا
المقدمة: العلاقة بين العلم و الفلسفة واحدة من القضايا التي انشغل بها الفلاسفة حديثا خاصة بعد انفصال العلوم عنها بعد النهضة العلمية في العصور الحديثة.
و يقصد بالعلم كلّ دراسة نظرية أو تطبيقية موضوعها الظواهر و الوقائع الجزئية و منهجها حسي تجريبي في الغالب، و نتائجها القوانين العلمية. أما الفلسفة فهي نشاط فكري ذو طابع نقدي، موضوعها قضايا فكرية و غايتها معرفة الحقائق و الأسباب الأولى.
لكن لا يمكن للبحث الفلسفي الجاد أن يبنى على خيالات و أساطير، بل يجب أن ينطلق من منطلقات يقرها العقل و لا يكذبها العلم، الأمر الذي جعل البعض يعتبر العلم أساس كلّ فلسفة جادة تهدف لفهم العالم.
فهل يلزم من هذا أنّ الفلسفة نشاط فكري تابع للعلم؟ أم أنّها بحث متميز؟
التوسيع: القضية: يرى بعض الفلاسفة مثل "أوغست كونت" و "ألتوسير" أنّ الفلسفة الحقة هي التي تنبع من العلم و تسير في طريقه.
الحجج: مادة التاريخ العلم شاهد على أنّ الفلسفة نشأت و تجددت بعد ظهور العلم و تطوره، ففي المرحلة اليونانية سبقت المادة الرياضيات الفلسفة و كان لعلمائها مثل "فيثاغورس" الفضل في نشأتها، أما في العصور الحديثة فقد تأثر الفلاسفة مثل "ديكارت" بثورة العلماء فجددوا الفلسفة بتجدد العلوم، و هذا ما فعله "كانط" عندما نقد الفلسفة التقليدية حيث استلهم أفكاره من مادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية "نيوتن"...
الفلسفة كنشاط فكري تتميز بطابعها التحليلي، حيث تتناول ما ينتجه الإنسان من معارف و أفكار بالنقد و التحليل لذلك فهي نشاط بعدي يأتي بعد العلم و ليس قبله، لذلك شبّه "هيغل" الفلسفة بطائر "البوم" الذي لا يظهر إلاّ في المساء.
كما أنّ عصرنا يؤكد تطور العلم و غزوه لكلّ المجالات فلم يعد للفلسفة موضوعاً تبحثه إلاّ أن تحلل و تستفيد من نتائج العلم، و منه فهي تابعة له.
نقد: هذا الرأي يتجاهل بعض الحقائق المادة التاريخية من خلال تأكيده على أسبقية العلم على الفلسفة، حيث أنّ المادة التاريخ يكشف أنّ معارف الإنسان قديماً لم تكن علمية بل كانت معارف نظرية ممزوجة بالأسطورة و السحر... الأمر الذي يكذب طرحهم.
نقيض القضية: يرى بعض الفلاسفة و المؤرخين أنّ الفلسفة نشاط متميز يستفيد من العلم و ليس تابعاً له.
الحجج: مادة التاريخ المعرفة الإنسانية يظهر أنّ أبحاث الإنسان قديماً كانت ذات طابع نظري عقلي تأملي، هدفها معرفة الحقائق و السباب الأولى و هذه خصائص البحث الفلسفي لا البحث العلمي، و منه فالفلسفة ليست تابعة للعلم.
كما أنّ مادة التاريخ العلم يؤكد على أنّ الإنسان في العصور الحديثة عمل على أن تستقل العلوم عن الفلسفة و تنفصل عنها و ليس العكس و منه فالعلم يأتي بعدها و ليس قبلها.
رغم أنّ عصرنا شهد انفصال و استقلال العلوم عن البحث الفلسفي إلاّ أنّها تمكنت من أن تجعل من العلم موضوع بحث و تأمل و نقد فلسفي و هذا ما يعرف بالمبحث الإبستيمولوجي، حيث استفاد العلم منها في ضبط بعض تصوراته و مناهجه... و لذلك لا تعتبر الفلسفة تابعة للعلم.
نقد: لكن هذا لا يعني أنّ الفلسفة لم تستفد من العلم بل هي مدينة له بالكثير من المعارف و الاكتشافات، و بدونه يكون البحث الفلسفي مجرد أفكار نظرية لا طائل منها، بل بدونه تصير مجرد معارف ساذجة.
التركيب: مما تقدم يبدو لنا أنّ الفلسفة و العلم كنشاط إنساني تزامنا في الظهور، ففكر الإنسان يجمع بينهما و فيهما يتجلى فإذا أغرق في التأمل النظري كان فلسفة أما إذا اكتفى بالعالم الظواهر صار علماً، و هذا ما يبرر كونهما يؤثران في بعضهما تأثيراً متبادلا.
الخاتمة: الفلسفة تستفيد من العلم و تستنير به لكنها نشاط متميز لا يقبل أن يكون تابعاً




https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى