المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منهجية كتاب كاملة مقالة فلسفيّة



linnou
11-07-2013, بتوقيت غرينيتش 06:01 AM
منهجية كتاب كاملة مقالة فلسفيّة


ما هي المقالة الفلسفيّة ؟


● نحنننجز مقالات في موادّ أخرى غير الفلسفة، لكن رغم بعض نقاط التّشابه بين هذهالمقالات، يستحسن أن نبدأ بتناسي و بتجاهل المنهجيّات التّي كنّا نقتدي بها في هذهالموادّ.


● انّ المقالة الفلسفيّة هي ممارسة لتفكير شخصي يستند، في نفسالوقت، إلى معرفة فلسفيّة سابقة:


1 - هذا التّفكير هو شخصي، لأنّ المطلوب،في المقالة، هو محاورة التّلميذ لذاته، بهدف الإجابة عن السّؤال المطروح.


2 - و هو كذلك يستند إلى معرفة فلسفيّة، لأنّ التّلميذ مدعوّ، في جهده التّفكيري، إلىأن يتقاطع مع بعض أعلام الفلسفة لأجل أن يثري أقواله بمرجعيّات فلسفيّة معروفة.



ملاحظة هامّة: انّ هذا المطلب المزدوج، يرسم في نفس الوقت، المخاطر والمزالق التّي يتعيّن علينا تجنّبها: أن نقومبمجرّد عرض لمعارف يقع اعتبارهافلسفيّة، أو أن نتقتّر في التّعرّض إلى مجموع المعارف الفلسفيّةالمكتسبة.


إنجاز المقالة الفلسفيّة:


أ‌. إشكالية الموضوع:


◊ الموضوع السّؤال:


انّ منطلق كلّ مقالة فلسفيّة هو موضوع، تقع صياغته، فيغالب الأحيان، في شكل سؤال يقيم بصفة عامّة، علاقة بين مفهومين، و يطلب منّا أننفكّر في هذه العلاقة بالذّات: أي في امكانها و في طبيعتها.


eما الذّييجب تجنّبه في مواجهة كلّ موضوع ؟


1 - أن نجيب فوريّا و تلقائيّا عنالسّؤال المطروح. و يفترض ذلك أنّنا قمنا بالخلط بين السّؤال و القضيّة الفلسفيّة،فلم نتعرّف على ما يميّز الثّانية عن الأولى. و هذا ما يقودنا بالطّبع إلى الامتناععن فعل التّفكير، و بالتّالي المخاطرة بالإخلال بما هو مطلوب حقيقة في السّؤال.


2 - أن نبحث عن مرجعيّات، و ذلك انطلاقا من الانتباه فقط إلى إحدى المفاهيمالحاضرة في الموضوع. و هذا ما يوقعنا في خطر الإخلال بتوازن الموضوع، إذ نتجاهل ونغفل مفهوما أو نقوم بالتّعسّف على السّؤال المطروح، حتّى نجبره على التّطابق مع مانعرفه مسبّقا.


تنبيه :انّ الخطر، في هاتين الحالتين، هو نفسه و يكلّف غاليا: الخروج عن الموضوع.


eما الذّي يجب القيام به ؟


يتعيّن علينا أننبحث و أن نكشف عن المشكل أو عن قضيّة تفصح عن ذاتها و تتخفّى في نفس الوقت في صلبالسّؤال ذاته.


◊السّؤال أو المشكل:


هناك بعض الأسئلة التّي لاتحيل إلى قضايا و إلى مشاكل: و من بينها الأسئلة الظّرفيّة، أي تلك التّي يمكن أننقدّم إجابة عنها بفضل ملاحظة مطابقة للأشياء و للوقائع. مثال: " كم السّاعة الآن ؟ ".


لكن، في المقابل، تعبّر بعض الأسئلة الأخرى عن مشكل فلسفي: و هي تلكالتّي لا يمكن أن نجد إجابة مقنعة عنها عن طريق لجوءنا إلى ملاحظة الوقائع ( إمالأنّ السّؤال لا يتعلّق بواقعة معيّنة و محدّدة، و إما لأنّ الواقع يقدّم جملة منالإجابات المتنوّعة و المتناقضة ). مثال: " هل من حقّ كلّ إنسان أن يحترم ؟ ". تلكهي الأسئلة الفلسفيّة التّي تقترح بعضها كمواضيع مقترحة و رسمية ممكنة لمقالات هي بدورها فلسفيّة،تسعى إلى أن تكشف و تبسط القضيّة أو المشكل الذّي يثيره السّؤال.


◊أشكلة السّؤال:


إنّ الإشكالية تتّخذ كمنطلق لها، الموضوع/السّؤال، و كمنتهى صياغةالمشكل. فما هو المشكل الفلسفي إذن ؟ انّه تناقض. و ما التّناقض ؟ يتمثّل في وجودقضيّتين تبدو كلّ واحدة منها صادقة و تستند إلى حجّة. يتمثّل المشكل، هنا، في أنّهاتين القضيّتين متعارضتين، بحيث إن صدقت الأولى كذبت الثّانية. التّناقض إذن،موجود بين قضيّتين متنافرتين، و لكن مع ذلك تفتكّ كلتاهما تصديقنا.


يكمنالمشكل، هنا، في أنّه من المستحيل أن نناصر، في نفس الوقت، الفكرتين، لأنّهمامتناقضتين، كما يتعذّر كذلك أن نقبل بواحدة منها لأنّ الأخرى هي كذلك مقنعة رغمتناقضها مع الأولى.


مثال: من جهة أولى، يكون من حقّ كلّ النّاس أن يحترموا،نظرا لإنسانيتهم بالذّات. و من جهة ثانية نجد أنفسنا مضطرّين إلى التّسليم بأنّبعضا من النّاس قد خسروا حقّهم في الاحترام بسبب بعض الأعمال التّي قاموا بها. وبذلك نجد أنفسنا قد وقعنا في تناقض و في مفارقة: فإما أن نقول بأنّ الاحترام هو حقّلكلّ النّاس، و إما أن نقرّ بأنّ الاحترام هو حقّ فقط لأناس دون أناس. المشكل هنا،يكمن في أنّه لا يمكن أن نقرّ بالفكرتين في نفس الوقت.


تجدر الإشارة إلىأنّه لا توجد طريقة محدّدة، و آليّة منهجيّة مضبوطة تمكّن من الانتقال من السّؤالالمطروح إلى القضيّة الفلسفيّة.


لكن ذلك لا يجب أن ينسينا مطلبين أساسييّنيتعذّر النّجاح في هذه المهمّة، دون التّقيّد بها:


1 - إعادة صياغةالسّؤال بطرق مختلفة بهدف تحديد دلالته و أبعاده.
2 - و تعريف كلّ كلماتالموضوع بلا استثناء.


بعد ذلك، بإمكاننا أن:


1 - نعيد صياغةالسّؤال المطروح انطلاقا من تلك التّعريفات التّي حدّدنا بها كلّ كلمة من كلماتالموضوع. إنّ التّنظيمات المختلفة لكلّ حدود الموضوع، التّي سنتحصّل عليها، ستكشفحتما عن بعض التّناقضات. في هذه الحالة نثير مشكلا متخفّيا وراء مفاهيم الموضوعالغامضة.


2 - نتساءل عن دواعي طرح السّؤال/الموضوع، و عن ما إذا كانتملاحظة الواقع تنبّهنا إلى إجابات مناقضة للسّؤال ذاته.


3 - نتساءل كذلك عنالإجابات التّي نقدّها عادة عن هذا السّؤال، أي التّساؤل عن الآراء و المواقفالعامّية التّي يقع اعتبارها إجابات مباشرة و عفويّة عن الموضوع. إذا كانت هذهالآراء متعارضة فيما بينها، فمن الضّروري القيام بعرض هذا التّناقض.


4 - نقدّم على سبيل الافتراض إجابة ممكنة عن السّؤال، ثمّ نتساءل بعد ذلك عن دلالة هذهالإجابة، مفترضاتها، شروطها ...


ينبغي في الجملة، إذن، أن نعاندنزوع الفكر الطّبيعي نحو الكسل و الحلول السّهلة و التّلقائيّة بفضل تتبّع آثارالصّعوبات و المآزق و التّناقضات التّي تتجلّى في كلّ موضوع فلسفي.


ب - رسم إستراتيجيّة لمقاربة منظّمة:


ينبغي في الوقت الحاضر أن نقوم برسم معالمالمقالة، و ذلك بفضل وضع تخطيط. على هذا الإعداد للتّخطيط أن يلتزم بهذه المقتضياتالثّلاثة:


1 - يجب على العمل أن يتّخذ من الإشكالية إطارا له فلا يتعدّاه،لذلك يجدر الانطلاق من هذه الإشكالية ذاتها.


2 - ينبغي تقديم حلول مختلفة ومتنوّعة للمشكل الفلسفي المطروح، مع الحرص على تقديم حجج بها نبرهن على مختلف هذهالحلول.


3 - يتعيّن علينا أن نتّبع تمشّيا منطقيّا واضحا و صارما يمكّن منترتيب الأفكار بشكل متسلسل. و لا يكون ذلك إلاّ إذا حدّدنا نقطة انطلاق العمل ( الإشكالية ) و نقطة وصوله ( الحلّ الأفضل و الإجابة الأكثر معقوليّة )، و رسمنا بينهاتين النّقطتين سلسلة من المراحل و الأفكار المتماسكة فيما بينها.


◊المساوئ التّي يجب تجنّبها:


يوجد خطأين هامّين يمكن أن نقع فيهما: غيابالنّظام و المبالغة في النّظام.


1 - غياب النّظام: عرض الأفكار كيفمااتّفق، دون ترتيب و دون تمفصل بينها، و هو ما ينفي كلّ شكل من أشكال التّقدّمالمنطقي في المقالة.


2 - المبالغة في النّظام: و يتمثّل في استحضار تخطيطمعدّ سلفا بصفة مسبقة، بحيث نكتفي بعد ذلك، في إطار العمل، بملء فراغات هيكل منطقيأجوف من كلّ مضمون: مثلا أن نجيب بنعم ثمّ بلا، و أخيرا ننتهي إلى موقف نسبي يقولنعم و لا في نفس الوقت أو نقطة اتّفاق وهميّة بين الموقفين المتضادّين لا تقنعأحدا، و لا حتّى التّلميذ نفسه.


ملاحظة هامة: لا يجب أن يغيب عن أعيننا هنا، أنّه منالمستحيل أن نصرّح تباعا، في إطار نفس العلاقة، و ضمن نفس المنظورأنّ هذا الشّيءهو أبيض و أسود في نفس الوقت.


◊ ما العمل ؟
بما أنّ المطلوب، فيالمقالة، هو حلّ مشكل فلسفي معيّن، ينبغي إذن، أن ننطلق من هذا
المشكل ذاته. وقد بيّنّا سابقا أنّ المشكل هو تناقض. و التّناقض متكوّن من قضيّتين يحقّ لكلّواحدة منها أن تكون صادقة و حقيقيّة رغم تناقضهما و تنافرهما. ينتج عن ذلك أنّهاتين القضيّتين يمكن أن تشكّلا الأطروحتين أو الحلّين الذّين يمكن الاستناد إليهمافي حلّ الإشكال، أي الأجزاء الرّئيسيّة للمقالة.


1 - ينبغي إذن أن نقدّمالحجج التّي تدعم كلّ أطروحة و نفسّر بأيّ معنى تكون هذه القضيّة مقبولة و صالحة: نحدّد مثلا بأيّ معنى يتعيّن علينا أن نفهم هذا الحدّ من حدود الموضوع و من أيّمنظوريّة نتناوله.


2 - ينبغي كذلك أن نعير اهتماما كافيا للتّحوّلات بينجزئي المقال: فعوض أن نمرّ بشكل فظّ من الأطروحة الأولى إلى الأطروحة الثّانية، يجبأن نقوم بالكشف عن حدود الموقف الأوّل و لفت الانتباه إلى أنّه لا يمثّل حلاّ مقنعاللإشكال، و ذلك قبل الانتقال إلى الموقف المضادّ.


لكن تجدر الإشارة، في هذاالمجال، إلى أنّنا لم نقدّم حلاّ للإشكال، حين نكتفي بفحص قيمة
كلّ موقف منالمواقف المتضادّة على حدة. تقديم حلّ لإشكال الموضوع يقتضي تجاوزا لكلا الموقفين: على القسم الثّالث من المقالة أن يهتمّ إذن بهذا الأمر.




https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى