المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعلم بين الرسالة والمهنة ونظرة المجتمع



romaissa
11-02-2013, بتوقيت غرينيتش 10:42 PM
.. ما من شك أن كل الأديان السماوية قد كرمت وأعطت للمعلم منزلة كبيرة باعتباره صاحب رسالة جليلة وسامية .
.. ولا ننسى انه قد ثبت عن رسول الله صلى الله علية وسلم قوله " إنما بعثت معلما " حيث بدأت التربية الإسلامية بمعلمها الأول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم " والذي جاء لينشر الدين الجديد وليعلم الناس أمور دينهم ودنياهم "
وبالرغم من هذا التكريم الإلهي إلا أن المجتمع لا يولى أهمية للتعليم ولا للمعلم الذي كرمة الله بأسمى المهن وأشرفها على الإطلاق.
.. وللحق هناك أيضا بعض المعلمين لا يعملون بهذه الرسالة ويسيئون لها ولأنفسهم ولباقي زملائهم , لذلك فعلى كل معلم أن يعرف جيدا مدى المسئولية الملقاة على عاتقة وآلا يهين نفسه أو غيرة من زملاء مهنة.

- المهنة -
.. مما لا شك فيه إن " المهنة " تؤدى خدمة حيوية من الناحية الاجتماعية , تترفع أي مستوى الاستغلال والتركيز على الكسب الشخصي , كما هو الحال بالنسبة للطب والمحاماة ... الخ .
وليس هناك من شك في أن التعليم مهنة تؤدى خدمة اجتماعية عالية , وأن المعلم الواعي بجوانب مهنة يمكنه أن يعمل من اجل حياة أفضل لمواطن الغد دون استغلال ولا رغبة في تحصيل كسب مادي , وهناك الكثير من المعلمين الذين يتفانون في عملهم عن حب له وإيمانا بأهمية – بيد أن كون مهنة التعليم مهنة تترفع عن مستوى الاستغلال والكسب المادي أمر لا يعنى أن المعلمون لا يستحقون أن ينصفوا ماديا , وان تدفع لهم الدولة رواتب مجزية تتناسب مع ما يعطى لغيرهم من أصحاب المهن الحيوية .
.. وهنا أقولها وبكل أسف أن هذا يزداد الاتفاق علية في جميع أنحاء العالم المتقدم ولا يعتد به في الجزائر واغلب الدول مادة اللغة العربية .

- نظرة المجتمع -
.. ينظر المجتمع إلى المعلم نظرة ضيقة مجحفة حيث اختزل رسالته السامية ومهنة الرفيعة , ونظر إليه على انه لا يقوم بشيء في المجتمع سوى " إعطاء الدروس مفصلة الخصوصية " ويمد يده ويملئها من قوت ورزق أولياء الأمور , مبررين لأنفسهم ذلك بأن المعلم يجبر أبنائهم على الذهاب إليه لأخذ هذه الدروس مفصلة سواء جبرا بدنيا أو معنويا, بالا يقوم بدورة المهني على الوجه الأمثل داخل المدرسة , وبالتالي يضطرون للذهاب إليه طوعا وكرها .

.. هذا إن دل على شيء فإنما يدل على جهل من المجتمع في المقام الأول , وعفوا لاستخدام لفظ " الجهل " لكنها حقيقة , وهذا يتضح فيما نعيشه الآن فولى الأمر الذي يقول أن المعلم يضرب نجلى لأنه لا يذهب إلية من اجل الدرس الخصوصي يكتفي فقط بأن يجعل أبناءه يذهبون إليه , هو نفسه ولى الأمر الذي يذهب إلى المدرسة ويصول ويجول فيها ويضرب بالأخضر واليابس ويسب ويلعن كل من فيها إذا أتى إليه ابنه وقال له إني ضربت أو أهنت في المدرسة - وهنا لا ارسخ فكرة العقاب البدني أو المعنوي للمتعلم ولكنها تحدث أحيانا- إذا فما الفارق بين الحالتين ؟. بل وهو نفسه أيضا الذي يأتي بأبنائه ويذهب خصيصا إلى معلم بعينة لأنه عرف انه مميز مهنيا ويطلب منه أن يعطى أبنائه درسا خاصا , وان رفض المعلم بحجة انه لا يملك الوقت أو إنهم ذو مستوى ضعيف أو حتى انه لا يعطى دروس مفصلةا خصوصية يصل الأمر إلى حد التوسل من ولى الأمر وانه سيعطيه ما يشاء , وهذا لأنه إما يريد مزيد من التفوق لأبنائه أو إنهم ضعاف بالفعل ويحتاجون مزيد من المساعدة الخاصة.
وهنا فليسأل الجميع أنفسهم ما موقف المعلم الذي هو في النهاية بشر ولا يملك سوى راتبه الضئيل . . . ماذا يفعل؟

.. يا أيها المجتمع ! هل كنت تعلم أن هناك ما يسمى بالمشاركة الشعبية في التعليم ؟ وهى مشاركة المجتمع في العملية التعليمية التعلمية , وان هذه المشاركة الشعبية لها العديد من الأدوار , والذي يقوم بأداء هذه الأدوار ما يسمى " بمجلسي الآباء – والأمناء " والذي يقوم بالإشراف والمراقبة على كل ذلك , أولياء الأمور – ومعهم العديد من المعلمين الشرفاء , ومن أهم هذه الأدوار – متابعة سير العملية التعليمية داخل المدرسة ككل , ومراقبة العمل المهني للمعلم داخل الفصل , والحد من انتشار ظاهرة الدروس مفصلة الخصوصية , وفى النهاية إيجاد الحلول لكل مشكلة تطرأ وتؤثر على سير العملية التعليمية التعلمية , سواء في البيئة المحيطة بالمدارس التي يقيمون حولها أو في المجتمع الأكبر .

وهنا تأتى العديد من التساؤلات والتي من المفترض أن يجيب عنها كل ولى أمر باعتبار انه فرد من أفراد المجتمع , هل أنا على علم بذلك ؟ هل قمت بواجباتي تجاه أبنائي على الوجه الأمثل وعلمت ما لي وما على داخل مدارسهم وأمام معلميهم ؟ هل شاركت بفاعلية من اجل مستقبل أبنائي وأبناء غيري وقمت بزيارة مدارسهم وأشرفت واطلعت وراقبت بل وحاسبت من اجل تعليم أفضل ؟

.. لقد ظهرت جليا نظرة المجتمع للمعلمين بعد اعتصامهم وإضرابهم في الأيام القليلة الماضية , حيث أن هذه الاعتصامات والاضرابات قد قابلها المجتمع باستنكار وعدم تعاطف , وابسط ما كان يقال ماذا يريد المعلمون وهم من هم " سفاحين ومافيا الدروس مفصلة الخصوصية " وكأن المجتمع قد وضع جميع المعلمين في بوتقة واحدة ألا وهى أنهم جميعا يريدون الزيادة المادية , ولا لوم على المجتمع ذلك لان الأعلام وكعادته هو من قام بالعرض الخاطئ للمشكلة , بدلا من إظهار الحقائق كاملة أملا في الإصلاح وإيجاد الحلول ؛ فهل يعلم المجتمع أن أعداد المعلمين تقارب المليون معلم أي انه وإن كان هناك منهم من يطالب بزيادة مادية فقط, فإنهم سيكونوا كثر , ومن كان يطالب بمكانة أدبية واجتماعية فسيكونوا كثر بل أكثر نظرا لعدد المعلمين الضخم , لذلك فكان يجب على الإعلام والكتاب كامل والمفكرين , عرض كل الحقائق والآراء ووجهات النظر للمعلمين بدلا من انتقاء عناصر بعينها تتحدث عن الماديات فقط؛ وكأن حال لسانهم حال جميع المعلمين .




.. إن المطلب المادي كان ضمن مجموعة كبيرة من المطالب , بل انه كان ليس زيادة مادية في حد ذاتها وإنما كان المطالبة بتنفيذ ما أقرته الدولة بزيادة نسبة الحافز إلى 20 % والذي قد وجد المعلمون أنهم محرومون منه دون جميع موظفي الجهاز الإداري للدولة أليس هذا نوعا من الظلم , هذا وقد كانت جميع مطالب المعلمين متمركزة حول ؛ إعلاء شأن المعلمين واسترجاع كرامتهم وهيبتهم – تعيين كل المعلمين الذين يعملون بالآجر والحقيقة إنهم بلا اجر – الارتقاء بالمنظومة التعليمية ككل – تفعيل دور المعاهد التربوية والبحثية والاهتمام بتثقيف وتدريب المعلمين مهنيا وفنيا – إشراك المعلمون المميزون في وضع المناهج حيث أنهم الأجدر والأقدر على فعل ذلك ؛ إلى غير ذلك من المطالب .

.. ومما سبق يتضح أن المعلمون في حقيقة الأمر قد هبوا وقاموا من اجل رفعة وتقدم هذا الوطن إيمانا منهم بان دورهم قد آن وأنهم لن يصمتوا بعد الآن .

.. يعلم الله إنني لم أقم بكتاب كاملة هذه الكلمات إلا ابتغاء مرضاة الله وإحقاقا للحق , لا دفاعا ولا نفاقا لأحد , وإنما إيضاحا لصورة فئة من أهم الفئات في أي مجتمع , حيث يعتبر المعلم هو حجر الزاوية لكل عمل تعليمي , فبغير جهد المعلم ورغبته في التعليم تصبح الأبنية المدرسية أماكن لا جدوى منها , ولا يرجى منها صلاح , فلا بديل للمعلم وأدواره الهامة في العملية التعليمية ؛ وبذلك فإن المجتمع الجزائري إن كان يريد إصلاحا وبناء أجيال جديدة متمكنة من فروع العلم المختلفة ومزودة بالثقافة ومتصفة بالأخلاق الحميدة والمثل العليا فوسيلة في ذلك الاعتماد على العلم والمعلمين , أي إننا في حاجة إلى إعداد المعلم المجدد في العملية التعليمية من اجل تربية الأجيال الجديدة في ظل الربيع العربي.

.. وهذا لن يتحقق إلا إذا أعطينا للمعلم كل الحقوق الأدبية والمادية , ونأخذ منه كل الواجبات , فالمعلم يعمل ويؤدى رسالة ومهنة السامية بتفاني وإخلاص وضمير , والدولة تقوم بإعطائه كل الحقوق قدر المستطاع , والمجتمع يقوم بدوره الإشرافي والرقابي بلا تخاذل ... فليقم كلا منا بدورة في مكانة وموقعة لنخرج في النهاية سيمفونية نعزف فيها أفرادا ولكن يسمعها الجميع لحنا واحد .



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى