المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاسلام دين يسر لا تعصب



loulou ange
11-02-2013, بتوقيت غرينيتش 04:15 AM
هل الاسلام دين يسر؟

سؤال منطقي . وللاجابة عليه هنالك مرجعيتين.
المرجعية البشرية ، وهم اولئك الذين اعتبروا انفسهم وما زالوا يعتبرون انهم الاوصياء على هذا الدين ، وبدونهم ...لادين!!!!! هؤلاء الذين عسروه بشكل حتى أصبح من خلال ما كتبوا ، أو تحدثوا فيه وعنه ..أحجية لاحل لها إلا بهم ومن خلالهم..... ولذلك أنقسمت الامة ...وحارت وهي تبحث عن الصراط المستقيم الذي عبَّدوه بافكارهم واجتهاداتهم البعيدة عن المرجعية الوحيدة التي يعتز بها هذا الدين الا وهي كتاب كامل الله القرآن.....
المرجعية اللآلهية (القرآن).تتحدث عن نفسها بنفسها .هي الحق ...وهي الصراط الوحيد المستقيم الذي يسره الله عز وجل على المؤمنين ولم يطلب منهم سوى تدبره والعمل به فهو يغني الانسان عن كل مرجعية ارضية .
قال الله عز وجل :
" ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر* كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر"القمر 17-18
"ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر* كذبت ثمود بالنذر"القمر 22-23
" ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر* كذبت قوم لوط بالنذر"القمر 3
" فإنما يسرناه لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لداً"مريم 97
" فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون"الدخان 5
"ونيسرك لليسرى. فذكر إن نفعت الذكرى" الاعلى 9-8
" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" البقرة 185
" ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا" الطلاق 4
فهل بعد ذلك يسرا اكبر من هذا اليسر اللآلهي. وبما أنه دين يسر ،فيكفي أن يختار الانسان طريق الخير ويختار التوحيد ,فالله سبحانه وتعالى يشرح مفصل صدره للاسلام وييسره للدين الحق.فهل نحن بحاجة الى هذا الكم من الكتب النقلية ،والمحطات الدعائية الفضائية ،حتى يتيسر لنا الدين.!!!!!.
القرآن الكريم كمرجعية وحيدة للدين الاسلامي ... يعلمنا أن الذي يفهم ويتدبر كتاب كامل الله عز وجل لابد أن يتغير إذا كان مؤمنا بالله الواحد الاحد. كيف ذلك ؟
دعونا نعود الى آيات الله عز وجل.ولنأخذ مثلاً. البخل ...مرض انساني خطير يعود بالضرر على صاحبه في الدرجة الاولى...والبخل نابع عن الكفر بالله ..كفراً باطنياً.... لأن الكافر لايثق بأن الله هو الرازق
" وأما من بخل واستغنى *وكذب بالحسنى* فسنيسره للعسرى"
هذا الانسان لايعرف يسر الدين ولا يسر فهم وتدبر القرآن ولا حتى يسر الحياة يعيش ويموت في بخله وغمه.
.... اما الايمان وتدبر القرآن يعطي الانسان صفة العطاء ،وليس العطاء المادي فقط بل المعنوي. ...
" فأما من اعطى واتقى* وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى"
إن كل آية من آيات القرآن الكريم هي شفاء من مرض نفسي وما اكثر الامراض النفسية التي نحن مصابون بها ولا ندري.... وأكثر اسباب الامراض النفسية هي من ضياع الطريق الصحيح الذي علينا ان نتبعه, وابتعادنا عن كتاب كامل الله .... لنقرا قول الحق
" قال ربي اشرح مفصل لي صدري * ويسر لي أمري"طه 25-26
وجعل الله تعالى قراءة القرآن يسيرة على اللسان
"فاقرءوا ما تيسر من القرآن " المزمل 20
والانسان يصاب في حياته بكثير من المصائب والابتلائات .. وتتعسر معها الحياة . لكن الذي خلق الانسان ،لن يتركه هكذا للامواج تتقاذفه بلا معين ... الله يذكره دائما أن لايقنط من رحمته .وسيجد مع العسر يسراً
" سيجعل الله بعد عسر يسراً" الطلاق 7
"فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسراً"الشرح مفصل 5-6
وبقدر ما سهل الخالق هذا الدين العظيم على المؤمنين ... جعل حساب المشركين والكافرين والمجرمين عسيراً . لكن اليُّسر في هذا الدين ليس وقفاً على الحياة الدنيا. بل سوف ييسر للمؤمنين ايضا أخرتهم يوم الحساب
" وأما من أوتي كتاب كامله بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا" الانشقاق 7-8
صدق الله العظيم .... بأن يسر لنا قراءة وفهم وتدبر كتاب كامله والعمل به فتيسرت امور حياتنا واخرتنا إن شاء الله ....فهل نحن بعد ذلك بحاجة الى اولئك المعسرين؟؟؟؟؟؟
اليُسْر مقصد من مقاصد الدِّين الكبرى ، جعله الله تعالى أساساً لكل ما أمر به ونهى عنه في كتاب كامله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وأمرنا أن نلتزمه في فهمنا للدين والعمل به والدعوة إليه ؛ فقال تعالى : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} (البقرة : 185) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : « إن خير دينكم أَيْسره ، إن خير دينكم أَيْسره ، إن خير دينكم أَيْسره » وفي لفظٍ : « إنكم أمة أُريد بكم اليُسْر » . أخرجه الإمام أحمد بسندٍ صحيح .
ولكن ما معنى أن يكون الدِّين يسراً ؟ إن آية اليُسْر نزلت تعليلاً لأمره تعالى بالفطر للمريض والمسافر . ولكن هل الصيام نفسه الذي وردت بمناسبته قاعدة التيسير شيء لا مشقة فيه ؟ ماذا لو قال إنسان : لو كان الصيام نصف شهر لكان أيسر ، ولو كان أقل من ذلك لكان أكثر يُسْراً ، بل لو لم نُؤمر بالصيام لكان اليُسْر كله ؟! وما يُقال عن الصيام يُقال عن سائر ما أمر الله تعالى به من صلاة وصيام وحج وزكاة وجهاد بالمال والنفس ؛ إنها كلها تكاليف فيها شيء من مشقة ؟ فلو كان معنى التيسير : أن لا يُؤمر الناس بشيء فيه أدنى مشقة ؛ لما كان هنالك تكليف بصلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة ولا جهاد ؛ لأن فعل ما لا مشقة فيه البتة أَيْسر فيما يبدو لأول وَهْلَة مما في فعله أدنى مشقة .
فما المقصود باليُسْر إذاً ؟ معناه فيما يبدو لي : فعل ما يحقق الغاية بأدنى قدر من المشقة ، مثلاً : إذا كان لا بد لك من وسيلة للكسب تحفظ لك ماء وجهك وتغنيك عن السؤال وتوفر لك ما تحتاج إليه من طعام ولباس وسكن وزيادة توفر بعضها وتتصدق ببعض ؛ فإن خير وسيلة هي عمل يحقق لك كل هذا بأدنى قدر من المشقة .
فإذا قال لك الشيطان : لكن عدم الكسب أَيْسر من أية وسيلة فيها شيء من مشقة ،ولذلك فإن الأفضل لك أن لا تعمل إطلاقاً .. ستقول له إن كنتَ عاقلاً : هذا صحيح بادئ الرأي أيها الخبيث ! لكن انظر ماذا سيترتب على البطالة ، إنها ستجعل حياتي أعسر نفسياً وربما جسدياً ؛ فعملي رغم ما فيه من مشقة هو في النهاية أَيْسر من البطالة التي يبدو أنه لا مشقة فيها .
وكذلك الأمر بالنسبة للدِّين ؛ فما يأمرنا الله تعالى به هو أعمال تحقق غايات ضرورية لنا ، غايات لا تكون لنا سعادة إلا بها ، ولكنها باعتبارها أعمالاً فلا بد أن تتضمن شيئاً من الجهد والمشقة ، لكن الله تعالى الخالق لكل شيء ، المحيط علماً بالوسائل والغايات ، الرحيم بعباده ، يختار لنا أسمى الغايات ، ثم يدلُّنا إلى أحسن الوسائل التي تحققها بأدنى مشقة ، كما قال الله تعالى في أول آية علّل بها أمره بالصيام : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة : 183) .
فالغاية المطلوب الوصول إليها هي التقوى ، والوسيلة إليها التي لا وسيلة غيرها لتحقيق هذا النوع من التقوى هو صيام شهر رمضان .
وعليه ؛ فيمكن تقسيم الأعمال بالنسبة لغاياتها ووسائلها إلى أربعة أنواع : أحسنها : غاية حسنة ووسيلة ميسرة ، وهذا هو الذي اختاره الله تعالى لعباده .
وأسوؤها : غاية سيئة ووسيلة شاقة ، من أمثلتها : محاربة الكفار للمسلمين ، وبذلهم أموالهم وأنفسهم في سبيل ذلك . ومنها : ما يتظاهر به المنافق من صلاة وصوم وحج وزكاة وربما جهاد . في مثل هذا العمل قالت العرب : لحم جمل غَثٌّ ، على رأس جبل وَعْرٍ ، لا سمين فيُشْتَهى ، ولا سهل فيُرْتَقى .
وأقل منه سوءاً : غاية سيئة ووسيلة سهلة .
وأحسن من هذا : غاية حسنة ووسيلة عسرة .
وهذا يشمل كل ما خالف السُّنّة من أنواع الأعمال الصالحة .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ جُوَيْرِيَةَ : « أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ : مَا زِلْتِ عَلَى الحال الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ! قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ » .( صحيح مسلم : 13 / 258 ) .
فالحديث يدل على أنه بالاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في عبادته يحصل الإنسان بالعمل القليل في الوقت القصير على الأجر الكبير .
فيا خسارة الذين يستبدلون بأذكار النبي - صلى الله عليه وسلم - أذكاراً اخترعوها أو اخترعها لهم سادتهم ، إنها في أحسن أحوالها جهد كبير وأجر قليل . ولذلك كان عدد منالصحابة - رضي الله عنهم - يقول : اقتصاد في سُنّة خير من اجتهاد في بدعة .
أما إذا كانت تتضمّن شركاً أو شيئاً حراماً فإنها قد تكون من النوع الذي قال الله تعالى فيه : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً } (الغاشية : 1-4) .
وقوله تعالى : { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا }(الفرقان :23).
وإذاً ؛ فالدِّين كله يُسْر بهذا المعنى الذي ذكرناه . قال سماحة الشيخ صالح بن حميد في خطبة له جامعة عن اليُسْر[1] : والتيسير مقصد من مقاصد هذا الدِّين ، وصفة (جزائرية) عامة للالشريعة الاسلامية في أحكامها وعقائدها ، وأخلاقها ومعاملاتها ، وأصولها وفروعها ؛ فربُّنا بمنِّه وكرمه لم يكلِّف عباده بالمشاقّ ، ولم يردعنا كالناس ، بل أنزل دينه على قصد الرِّفق والتيسير .
الشريعة الاسلامية الله حنيفية في التوحيد ، سمحة في العمل ، فلله الحمد والمنّة .. { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ } (البقرة : 185) ، { يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا } (النساء : 28) ، { هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} (الحج : 78) .
والتيسير له معانٍ أخرى ، منها : أن الله تعالى لا يكلِّف الناس بما يطيقون ، بل بما هو في وُسْعهم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وتأمَّل قوله عزَّ وجلَّ : { إِلاَّ وُسْعَهَا } ، كيف تجد تحته أنهم في سِعَة ومنحة من تكاليفه ، لا في ضيق وحرج ومشقة ؛ فإن الوُسْع يقتضي ذلك ؛ فاقتضت الآية أن ما كلَّفهم به من غير عُسْر لهم ولا ضيق ولا حرج ، بخلاف ما يقدر عليه الشخص ؛ فإنه قد يكون مقدوراً له ولكن فيه ضيق وحرج عليه . وأما وُسْعه الذي هو منه في سِعَة فهو دون مدى الطاقة والمجهود ، بل لنفسه فيه مجال ومتّسع ) . ( الفتاوى : ج14 ، التفسير الجزء الأول ، ص 137 - 138 ) .
ومنها : أن العمل وإن كان فيه مشقة إلا أن الله تعالى يجعله سهلاً بطرائق كثيرة ، منها : أنه يغير طبيعته الشاقة فيجعلها سهلة ، كما ذكر الشيخ بالنسبة للقرآن الكريم ذكراً وتدبُّراً وفهماً .
ومنها : أن يجد المؤمن في العمل لذّة روحية ، حتى إنه ليكاد ينسى ما فيه من مشقة .
وإذا حلَّت الهداية قلباً نشطت للعبادة الأعضاءُ
ومنها : أن يريد المؤمن تحقيق غاية يحبها لكنه يعلم أنها لا تتحقق إلا بعبادة معينة فيحرص عليها طلباً لتلك الغاية المحبوبة فتهون عليه ؛ كما في قوله تعالى عن الصلاة : { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } (البقرة : 45-46) . وقوله تعالى : { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت : 45) .
« وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلاهُ قَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ! فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ! أَفَلا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً » ( أخرجه مسلم ) .
فحرصه - صلى الله عليه وسلم - على شكر ربه وهو شعور له لذّة لا تعدلها لذّة هو الذي يسَّر له هذا العمل الذي يبدو شاقّاً .
ومنها : أن الله تعالى قد يزيل مشقات العمل حتى لا يكاد يبقى منها شيء ؛ فأشق شيء على الإنسان أن يُقْتل لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : « ما يجد الشهيد من مسِّ القتال إلا كما يجد أحدكم من مسِّ القرصة » (أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وقال : حديث حسن صحيح ) .
وعليه ؛ فإذا كان الله تعالى قد تكفَّل بتسهيل العمل بما أنزل من أمر ونهي ؛ فكذلك يجب أن نفهمه نحن في ممارستنا له . ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح مشيراً إلى هذه الممارسة : « إن هذا الدِّين متين ؛ فأوغلوا فيه برفق » .
وقال : « إن خير دينكم أَيْسره ، إن خير دينكم أَيْسره ، إن خير دينكم أَيْسره » ، فعبارة « خير دينكم » هي إشارة إلى الدِّين الممارس لا الذي أنزله الله تعالى،فإن ذلك ميسّر في أصله لا يحتاج إلى أن ييسّره إنسان .
ومن أحسن ما قرأت تطبيقاً لهذه الأحاديث ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه قال : حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن الأزرق بن قيس قال : ( كنا على شاطئ نهر بالأهواز قد نضب عنه الماء ، فجاء أبو برزة الأسلمي على فرس فصلّى وخلّى فرسه ، فانطلقت الفرس ، فترك صلاته وتبعها حتى أدركها ، فأخذها ، ثم جاء فقضى صلاته ، وفينا رجل له رأي ، فأقبل يقول : انظروا إلى هذا الشيخ ، ترك صلاته من أجل فرس ، فأقبل فقال : ما عنّفني أحد منذ فارقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : إن منزلي متراخٍ ، فلو صليت وتركت لم آتِ أهلي إلى الليل ، وذكر أنه صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأى من تيسيره ) .
لكنَّ فعل ( أبي برزة ) يختلف عما يفعله بعض الناس الآن في اختيارهم لما يختارون من الأقوال التي اختلف فيها العلماء . يقول أحدهم لنفسه : ما دام الدِّين يسراً فإنني سأختار ما أراه أسهل عليّ أو على الناس ، ثم يبدأ ينظر في الأقوال بهذا المعيار فيقول مثلاً : قول الحنفية هذا صعب ، لكن قول الحنابلة أصعب ، أما قول المالكية فسهل ، وأسهل منه قول الشافعية ، وأسهل من هذا كله قول العالم الفلاني الذي خالفهم جميعاً ، فأنا آخذ به .
إن المنهج الصحيح هو أن يقول الإنسان لنفسه : ما دام دين الله كله يُسْراً فسأختار ما أراه بأدلّته أقرب إلى الشرع ؛ لأن الأقرب إلى الشرع هو الأقرب لتحقيق الغاية بأدني مشقة .
قد يقول قائل : أليس هذا الذي انتقدتَ منهجه متأسياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أنه ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أَيْسرهما ؟ يقال له : نعم إذا خُيِّر كما في قوله تعالى : { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (البقرة : 196) .
والتخيير معناه أن كل واحد من الأمور المخيّر فيها يؤدي الغرض المطلوب ، لكن بعضها قد يكون أَيْسر على الإنسان من بعض ، فيختاره . لكن ما نحن في صدده لا علاقة له بالتخيير ، بل المطلوب فيه معرفة حكم الله تعالى في الأمر الذي اختلفت فيه الأقوال أو الاجتهادات ؛ لأنها إذا تناقضت فلا يمكن أن يكون كل واحد منها صحيحاً مؤدّياً الغرض . نعم ؛ إذا استوت الأدلة ولم يمكن ترجيح بعض الأقوال على بعض ، فإن الأخذ بالأَيْسر يكون منهجاً صحيحاً .
لكن رغم هذا فقد يحدث التعسير في الدِّين شرعاً أو قدراً ، ويكون عقاباً من الله تعالى لبعض الناس . مثال التعسير شرعاً : ما قال الله تعالى فيه : { فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} (النساء:160).
وأما التعسير القدري فيكون بسبب سوء فهم بعض الناس للدِّين وإلزامهم أنفسهم بما لم يلزمهم به الله تعالى من أنواع العنت . وهذا هو الذي يحدث لأناس من هذه الأمة التي اختار الله لها الحنيفية السمحة والتي قال الله تعالى عن رسولها : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف : 157) .
هذا العنت القدري العقابي هو الذي يدعو المسلمُ ربَّه أن يعيذه منه : { رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ} (البقرة:286).



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى