المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : : وظائف الدولة الإسلامية:



Chakira
11-02-2013, بتوقيت غرينيتش 01:54 AM
: وظائف الدولة الإسلامية:
لل
دولة الإسلامية مهام ووظائف عديدة يكفيها فقط شرف الشهادة وتبليغ الدعوة الإنسانية جمعاء وفق الضوابط الشرعية ,إلى جانب كل هذا تضطلع بوظائف أساسية القدماء إلا انه يمكن حصرها بلغة العصر في المهام التالية :-تتمثل في فريضة الجهاد – فلا نعتقد من هذا المصطلح – وتوفير الأمن والطمأنينة لجميع سكانها وإقامة العدل بين الناس ورد المظالم والقيام بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتوجيه الاهتمام بالعلوم ورسائل التقدم الحضاري وأخيرا إقامة التكافل الاجتماعي داخل المجتمع وسوف نعرض باجاز لهذه الوظائف في ست مطالب متعاقبة كالأتي :
المطلب الأول :الجهاد
يتنوع مصطلح الجهاد في هذا المقام ونحن نقصد به المراتب المختلفة من جهاد النفس ضد نزعات الفرد بتوفير الدولة الوسائل الردعية لعدم إفشائه إلى جهاد الشيطان حتى نصل إلى الجهاد في سبيل الله ضد أعداء الدين، والقواعد الشرعية في هذا المقام عديدة، يكفينا قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل توهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم". وبناء على ذلك يقع على عاتق الدولة الإسلامية واجب الإعداد للجهاد بوسائل القوة المتغيرة في كل وقت، فإن كان الرمي والنبال والسهام يرهب العدو في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فإن المدافع والقذائف والصواريخ هي صاحبة الشأن في الوقت الحاضر وهدم ما جره إضافة إلى ذلك لا يجب قصر فريضة الجهاد إلا في هذا الميدان بل تعميما إلى مختلف المراتب الأخرى من جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد ضد التخلف والفقر، وهكذا فإنه يجب أن تكون حالة التأهب والإستعداد مستمرة في الدولة الإسلامية وذلك إما عن طريق الجيوش وتوفير أسباب القوة وتحصين الثغور، والرباط للدفاع عن بلاد الإسلام.
"يا ايها الذين آمنوا اصبروا وصابرو ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" وقوله تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلوكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" كما لا تنسى قوله صلى الله عليه وسلم :"أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر" ولذلك فظهور الإنحراف يستلزم وجود المحاسبة للحاكم.
المطلب الثاني: نشر الأمن في الداخل:
من بين واجبات الخليفة، كما عددها الفقهاء تشمل عدة أمور أهمها حفظ الدين على أصول المستقرة وما أجمع عليه سلف الأمة وإقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى عن الإنتهاك وتحفظ حقوق عباده من تلاف وإستهلاك وتقدير العطايا وما يستحق في بيت المال ومباشرة الأمور وتصفح الأموال بنفسه، لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة من خلال هذا القول المؤثر نستشف دور الدولة الإسلامية في نشر الأمن والأمان في ربوع إقليمها والأدلة على ذلك في خطيته:"إني لم ابعث عمالي ليضروا أبشاركم ولا يأخذوا أموالكم من فعل به ذلك فليوقعه إلي أقصه منه" فقال عمرو بن العاص: لو أن رجلا أدب بعض رعيته، أتقص منه؟
قال :"أي والذي نفسي بيده، إلا أقصه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقص من نفسه" على هذا الأساس يجب فرض رائع الأمن وبالتالي النهي عن إيذاء المسلم بقوله "من جلد ظهر مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان"
كما أن الغسلام أقر وألح على عدم إيذاء أهل الذمة عن طريق حماية أرواحهم وأموالهم واعراضهم حيث روى أبو داود عن النبي عليه السلام "ألا من ظلم معاهدا أو إنتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيبة نفس فأنا حجيجه يوم القيامة"
فكم الإسلام أشمل وأرحم للعباد ... ولكن كثيرا من الناس جاهلون تعلمه.
المطلب الثالث: إقامة العدل ورد الظلم:
لعل من أبرز ما أكدته الالشريعة الاسلامية الإسلامية والادلة على ذلك عديدة في الكتاب كامل والسنة إقامة العدل ورد المظالم فيقول عز وجل: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" النساء 58 ، ويقول: "وامرت لاعدل بينكم " ويقول: "وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط" ويقول: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي" ويقول تعالى : "ولا يجرمنكم شنآن قوم على إلا تعدلوا هو اقرب للتقوى" على هذا الاساس فإن القضاء وتنفيذ أحكامها يعتبر من أشرف الواجبات مما جعل الرسول (ص) يقول: "القضاة ثلاثة واحد في الجنة وإثنان في النار فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار" ومن ذلك الإرتقاء لوظيفة القضاء يشترط فيه العديد من الخصال أهمها: الذكورة، العقل وسلامة الرأي، الحرية، الإسلام، العدالة، السلامة، السمع والبصر، والعلم بالأحكام الشرعية.
إلى جانب هذا النظام القضائي، يوجد ولاية المظالم والحسية إذن فالدولة الإسلامية تضطلع بإقامة ميزان العدالة بين الناس، كالفصل في المنازعات النظر في جرائم الحدود الوصايا والأوقاف، مسائل الزواج والطلاق وكذلك الجرائم التعزيرية واخيرا ما يمكن قوله أن الدولة الإسلامية أوجبت على نفسها بنص الأدلة الشرعية رعاية كافة شؤون من يحمل تابعية الدولة، وحمايتهم وحفظ حقوقهم والعدل بينهم من مسلمين وذميين وحرمت على الدولة التفريق بين أفراد الرعية بسبب الدين أو الطائفة أو الجنس أو اللون أو غير ذلك "الإسلام لم ينصب الدولة لحفظ الحريات كما في النظام الرأس مالي أو للحكم نيابة عن طبقة معينة كما في الأنظمة المركسية إنما نصبها لإقامة أحكام الشرع".
المطلب الرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
يصف الإمام أبو حامد الغزالي هذا الركن بأنه "القطب الأعظم في الدين وهو المهم الذي إبتعث الله له النبيين أجمعين" فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسيلة لدوام صلاح البلاد والعباد والنجاة من الهلاك وقد أوجب القرآن الكريم والسيرة النبوية هذه الفريضة في العديد من المواطن كقوله تعالى: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أولائك هم المفلحون" كما يقول تعالى "فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجين منهم" فالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، كحق سياسي للمسلم يعتبر واجبا شرعيا وفرض رائع على المسلمين لضمان الإيمان والعدل. الذين هما أساس الحكم وذلك مصداق لقوله تعالى الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين ولهذا كانت مسلمة ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الصدد لا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر أو لا يسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعوا خياركم فلا يستجاب لهم كما يقول الرسول الأعظم في مقام آخر" إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يرو المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على ان ينكروه فلا ينكروه " يتضح إذن أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينطلق من قاعدة شرعية وليس من فكرة الحرية الفردية ويجمع بين كونه حقا سياسيا وواجبا دينيا عليهم، كما ان ترك هذا الأمر يدل على فساد الأمة ويستوجب لعنة الله كما حدث لبني إسرائيل "لعن الله الذين كفرو من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن المنكر فعلوه لا بس ما كانوا يفعلون"
المطلب الخامس: العناية بالعلم والعمران:
إن الإسلام دين شمولي فهو دين ودنيا، وعقيدة وشرعية وعبادة وسياسة مصحف وسيف وفكرة وعاطفة وبالتالي من الملقاة على عاتقه نشر شتى فنون العلم وإلزاميته من أجل القضاء الامية والجهل ...لان الدولة الإسلامية دولة العلماء، وتنشر أستاذية العالم وقد كان العلم والتعليم والقراءة والقلم موضوع الآيات الأولى من القرآن الكريم الذي نزل بها جبريل على الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء "اقرأ بإسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم " ويقول عز وجل كذلك: "يرفع الله الذين آمنوا منكم الذين آتوا العلم درجات والله بما تعلمون خبير" كما توجد العديد من المواطن في السيرة النبوية التي تحث على العلم والتعليم وأفضلية العالم في المجتمع الإسلامي وفي الحديث الشريف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة كما ان الدولة الإسلامية تعمل من أجل تحضير جميع الوسائل والشروط الموضوعية بالتقدم والإزدهار وتسهيل وسائل الإتصال وكذلك إستغلال جميع الثروات التي سخرها الله سبحانه وتعالى للإنسان: "الله الذين سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله لعلكم تشكرون وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" وصفة (جزائرية) القول يجب على الدولة الإسلامية أن تسعى لنشر العلم والعمران وتنمية جميع مواد الدولة من أجل الرقي العلمي والصحي والإجتماعي ...الخ
المطلب السادس: التكافل الإجتماعي:
يجب على الدولة الإسلامية أن ترسي أسس التكافل الإجتماعي وتعمل على تحقيقه في المجتمع الإسلامي، فقد وجده العديد من النصوص القاطعة في القرآن من أحكام الصدفات وتوزيع الغنائم على مستحقيها لرعاية الشؤون الإقتصادية للمحتاجين، قال عز وجل: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله" كما يتضمن القرآن الكريم العديد من الآيات التي توضح أبعاد هذا التكافل، فقال سبحانه وتعالى في محكم آياته: "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب كامل والنبيين وأتى المال على حبه ذوي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة واتى الزكاة"
ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام "إن الله فرض رائع على المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقرائهم" وقال كذلك "ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جواره جائع وهو يعلم به" كما نهى عليه الصلاة والسلام نهيا جازما عن غش الرعية وعدم تفقد أحوالها ورعايتها حيث يقول: "ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون حاجته وخلته ومسكناته"
وقد فرض رائع عمر بن الخطاب لكل شخص حقا في بيت المال حتى للكاتبين فقد رأى مرة رجلا ضريرا من اليهود يسأل الناس فقال له: "ما حملك على بابك؟ فقال الحاجة ودفع الجزية وحاجة العيال، فقال عمر رضي الله عنه-: ما أنصفناه أكلنا شبيبته وضيعناه عند الهرم" ثم أمر برفع الجزية عنه وأن يعطيه ولعياله ما يكفيهم.
كما أن الإسلام يحث ويشجع العمل فيقول عز وجل "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبهكم بما كنتم تعملون" كما أن أفراد المجتمع الإسلامي من شركاء في مصادر الحياة والطاقة الأساسية تطبيقا لحديث رول الله صلى الله عليه وسلم: "الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار"
ونهي عليه الصلاة والسلام عن التفريق في إقامة الحدود حيث أقام الحد على المخزومية عندما سرقت وقال: "إنما ضل من كان قبلهم، إنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا شرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد" ويتضح لنا من كان هذا أو ذاك، أن مهام الدولة الإسلامية عديدة ومتكاملة نظرا لطابع النظام الإسلامي الذي يتميز عن سائره بالشمولية والجدرية في معالجة المشاكل والمرحلية في التطبيق والموضوعية في الطرح وهكذا لا ينحصر دور الدولة الإسلامية في النطاق الضيق لوظائف الدولة الحارسة، بل يتعدى هذه الدائرة ويواكب مستلزمات العصر.


المبحث الخامس: وظائف الدولة الجزائرية:
في هذا المبحث نحاول التعرض لوظائف الدولة الجزائرية من خلال مواثيقها ودساتيرها وقد إرتأينا التعرض لهذه الوظائف من خلال دستور 10 سبتمبر 1963، دستور 22نوفمبر1976 (عهد الجمهورية الأولى) على جانب دستور 23 فبرايل 1989 (عهد الجمهورية الثالثة)
المطلب الأول: وظائف الدولة الجزائرية في ظل دستور "10 سبتمبر 1963"
لقد إتخذ الدستور الجزائري الإشتراكية مذهبا وشعارا صريحا للدولة، وأشار في صلب الدستور وفي مقدمته فقد اعلن في المقدمة على "أن الشعب يسهو على إستقرار أنظمة البلاد سياسية التي هي ضرورة حيوية بالنسبة للمهام تشييد الإشتراكي التي توجهها الجمهورية" كما سطرت في المادة 10 الاهداف الأساسية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وهي:
- صيانة الإستقلال الوطني لسلامة التراب الوطني والوحدة الوطنية
- ممارسة السلطة من طرف الشعب الذي تتركب طليعته من فلاحين وعمال ومثقفين
- تشييد الديمقراطية الإشتراكية ومقاومة إستغلال الإنسان في جميع اشكاله وضمان حق العمال ومجانية التعليم وتصفية جميع بقايا الإستعمار
- الدفاع عن الحريات والإحترام لكرامة الكائن البشري
- إستتباب السلام في العالم
- إدانة التعذيب وكل مساس مادي أو معنوي بكامل كيان الكائن الأدمي
كما أكددت المادة 22 من نفس الدستور توابث الدولة الجزائرية بقولها: "يجوز لأي كان أن يستغل الحقوق والحريات السالفة الذكر في المساس باستقلال الأمة وسلامة تراب الوطن والوحدة الوطنية ومنشآت الجمهورية ومطالع الشعب والإشتراكية ومبدأ وحدانية التحرير الوطني"
حتى الحزب الحاكم او الطلائعي من بين الأهداف الموكلة إليه بنص المادة 26 و "جيهة التحرير الوطني تنجز أهداف الثورة الديمقراطية الشعبية وتشييد الإشتراكية في الجزائر"
وهكذا يلاحظ أن دستور 1963 دستور برنامج وليس دستور قانون، دستور مشحون بالإديولوجية الإشتراكية فحاول أن يكرس هذه الخلفية الإيديولوجية على سائر هيئات ومؤسسات الدولة وبالتالي فإن الدولة دولة متدخلة ذات دور إيجابي كقولها في المادة 16: "تعترف الجمهورية بحق كل فرد في الحياة اللائقة في توزيع عادل للدخل القومي" كما نصت ان "التعليم إجباري وتمنح الثقافة للجميع دون أي تميز فيها عدا ضروي الميز الناشئة عن إستعدادات كل فرد وحاجات المجموعة" (المادة 18) كما فرض رائع الدستور بمادة يمكن إرجاعها لحداثة إستقلال البلاد ولإنتشار الحركات التحررية والإستقلالية وبالأخص في الجزائر، أنا ذاك لعبت دورا رياديا، فنصت المادة 21 انه "تضمن الجمهورية الجزائرية حق اللجوء لكل من يكافح في سبيل الحرية "
وأخيرا يمكن قول أن الجزائر في هذه المرحلة إنتهجت الفكر الإشتراكي دون الإنقاص منه، فالحقوق الأساسية المعترف بها لكل مواطن بالجمهورية تمكنه بالمساهمة بطريقة كاملة وفعالة في مهمة تشييد البلاد فهي تمكنه من تحقيقه لذاته بصورة منسجمة في نطاق المجموعة طبقا لمصالح البلاد وإختيارات الشعب، كما جاء في مقدمة الدستور.
المطلب الثاني: وظائف الدولة في ظل الدستور 22 نوفمبر 1976:
لقد أفرد التنظيم الدستوري في ظل هذه الحقيقة الإشتراكية مجالا واسعا سواءا في الميثاق الوطني الذي هو مصدر للدستور وبمنزلة الأبوة لباقي قوانين الدولة، او في صلب الدستور ذاته فتحدث الميثاق عن "الإسلام والثورة الإشتراكية".
وإذا إنتقلنا إلى الدستور الجزائري، فإننا نلاحظ أن الإختيار الإشتراكي من الثوابت التي لا يجوز بل يمكن لأي مشروع لتعديل الدستور أن يمسها (المادة 195) كما يمكن إبراز اثر ومعالم الفلسفة الإشتراكية سواء من خلال الفصل الثاني الذي سماه "الإشتراكية" (يشمل المواد 10 إلى 24)، فيعتبر أن الإشتراكية هو تعميق لثورة فاتح نوفمبر 54 ونتيجة منطقية لها بل تحدد الثورة الإشتراكية خطوة عملها الاساسية للتعجيل بترقية الإنسان إلى مستوى من العيش يتلائم وظروف الحياة العصرية، وتمكين الجزائر من إرساء قاعدة إجتماعية إقتصادية متحررة من الإستغلال والتخلف (المادة 11) كما نصت على بعض خصائص الإشتراكية المعتدلة، كإلغاء الملكية الخاصة، فالمشروع الجزائري في المادة 13 اعتبر ملكية الدولة اعلى أشكال الملكية الإجتماعية كما نصت إعادة 16 عن اهم أنواع الملكية الفردية المسموح بها، فنصت "أن الملكية الفردية ذات الإستعمال الشخصي والعائلي مضمونة، الملكية الخاصة غير الإستغلالية كما يعرفها القانون جزء لا يتجزأ من التنظيم الإجتماعي الجديد، الملكية الخاصة في الميدان الإقتصادي، يجب أن تساهم في تنمية البلاد وأن تكون ذات منفعة إجتماعية وهي مضمونة في إطار القانون حق الإرث مضمون"
أما الخصلة الثانية، ألا وهي توزيع الدخل القومي تجري الإشتراكية على أن يمنح كل فرد نصيبه، من الدخل القومي وفقا لعمله وظروفه وهذا اما أكدته المادة 24 بكل وضوح فأفصحت وقالت انه "يتكز المجتمع على العمل، وينبذ التطفل نبذا جبريا ويحكمه المبدأ الإشتراكي القائل:"من كل حسب مقدرته ولكل حسب عمله" العمل شرط أساسي لتنمية البلاد وهو المصدر الذي يضمن به المواطن وسائل عيشه ويتم توظيف العمل حسب متطلبات الإقتصاد والمجتمع وطبقا لإختيار العامل وبناء على قدراته ومؤهلاته"
كما ظهر أثر الفلسفة الإشتراكية في قائمة الحقوق والواجبات التي قرها الدستور الجزائري للمواطنين فاشتمل الفصل الرابع من الدستور بعنوان "الحريات الأساسية وحقوق المواطن" على قائمة مفصلة لتلك الحقوق (المواد 39 إلى 73) وهي على التوالي
- المساواة بين الأفراد (39-40-41-42) – حرمة حياة الأفراد (49)
- حرمة المسكن (50) – حرية المعتقد (53) – حرية الإبتكار الفكري والفني والعلمي (54) – حرية التغيير والإجتماع (55) – حرية إبقاء الجمعيات (56) – حرية التنقل (57) – حق الترشح والإنتخاب (59) أما الحقوق والحريات ذات الطابع الإشتراكي أو الإجتماعي تبدأ من المواد التالية:
- حق العمل (59-60-61-62) بل من المفارقات أن حق الإضراب معترف به إلا في نطاق القطاع الخاص وهو محرم في القطاع الإشتراكي.
- الحق في الراحة (63) - حماية الشيخوخة والطفولة (64) – حماية الأسرة (65) - الحق في التعليم (66) – الحق في الرعاية الصحية (67) – حماية أموال الأجانب (68) – حماية اللاجئين السياسيين إلى جانب هذا فقد إنفرد المشرع الجزائري بمادة مميزة تكرس هذا التوجيه الإشتراكي بل تعتبره معيار الممارسة هذه الحقوق فيقول المشرع الجزائري في المادة 73 أنه يحدد القانون شروط إسقاط الحقوق والحريات الأساسية لكل من يستعملها قصد المساس بالدستور أو بالمصالح الرئيسية للمجموعة الوطنية أو بوحدة الشعب والتراب الوطني أو بالأمن الداخلي والخارجي للدولة أو بالثورة الإشتراكية واخيرا فإن المشرع الجزائري قد أقحم في الفصل 5 واجبات المواطن وإستعمل فيها عبارة توحي بتكريس الإيديولوجية الإشتراكية كقوله "يجب على كل مواطن أن يحمي بعمله وسلوكه الملكية العمومية والمصالح المجموعة الوطنية ويحترم مكتسبات الثورة الإشتراكية أو قوله على المرأة أن تشارك عامل المشاركة في تشييد الإشتراكية والتنمية الوطنية"
المطلب الثالث: وظائف الدولة في ظل دستور 23 فبرايل 1989:
إن كان دستور فبرايل 1989 دستور قانون وليس دستور برنامج فهذا لا يعني أن الدولة الجزائرية قد تخلت عن بعض الخدمات الإجتماعية والإقتصادية بل لا يخلو من ذكر قائمة مفصلة من الحقوق الإجتماعية للمواطنين في مختلف مراحل حياته.
ولكن وضع موضوع التنفيذ على المقدرة الإقتصادية للدولة وبالأخص الجزائر اليوم، جزائر الثمانينات كانت تعني أزمات متعددة الجوانب (مديونية، تضخم إقتصادي ...) مما دفع بالدولة أن تتخلى عن كثير من المهام بل التراجع عن الكثير من الثوابت الإجتماعية والإقتصادية (كعدم التكفل للبناء الإجتماعي، رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية إلغاء مجانية الصحة، تراجع منظومة التربية....) والواجبات المحددة دستوريا التي أرسلتها، فالمادة 31 تنص أن مؤسسات الدولة تستهدف ضمان مساواة كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات بإزالة العقبات التي تعوق تفتح شخصية الإنسان وتحول دون مشاركة الجميع في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، فمن خلال هذا النص كما صرح في إحدى المرات الدكتور الحر رئيس المحكمة الدستورية بل الجديد في هذا الدستور أن المشرع الجزائري إهتم كثيرا بالحقوق المدنية والسياسية كنصه في المادة 31 أن الحريات الأساسية و حقوق الإنسان والمواطن مضمونة وتكون تراث مشترك بين جميع الجزائريين والجزائريات واجبهم أن ينقلوهم من جيل إلى جيل كي يحافظ على سلامة وعدم إنتهاك حرمته، ونجد ذات المعنى والتأكيد في المادة الموالية 32 "إن القطاع الفرض رائعي أو عن طريق الجمعية عن الحقوق الأساسية للإنسان وعن الحريات الفردية والجماعية مضمونة"
وهذه المعاني توضح لنا ان وظائف الدولة الجزائرية الحديثة لم تعد تأخذ بالصورة القديمة المنبثقة من التصور الإشتراكي كما أنها لم تأخذ بالمذهب الفردي الجامد الذي هجر وإندثر بل أخذت بالمذهب الإجتماعي عن طريق تدخل الدولة مع الإحتفاظ بالقيم المعروفة كالدين والأسرة ةالملكية الفردية وحرية التعاقد والتفكير وتطوري كل هذه القيم بما يتفق وحاجات المجتمع الجديدة، فإنه يسمح للدولة بأن تتدخل بالقدر اللازم لتحقيق تلك الأغراض، كإقرار العدالة الإجتماعية ومكافحة البطالة أو غير ذلك من الاغراض المصيرية، يمكن للقاضي أن يخرج بالعديد من الاحكام تخدم المذهب الإجتماعية كما أن الدستور الجزائري، إن لم ينشر الإشتراكية صراحة فإن نهصصه لم تخل من ذكر بعض الخدمات لمواطنين من هذا القبيل، فتكفل الدستور الجزائري ببعض الحقوق الإجتماعية، مثل كفالة الحق في الحماية والأمن والنظافة والعمل (المادة 52) ورعاية الأسرة وظروف معيشة المواطنين الذين لم يبلغوا سن العمل والذين لا يستطيعون القيام به والذين عجزوا عنه نهائيا، مضمونة (حالة شيخوخة والمرض والعجز عن العمل والتأمين الإجتماعي) مواد (55-56) وضمان التعليم المادة (50) والرعاية الصحية والوقاية من الامراض والوبائية المعدية ومكافحتها المادة (51) بل نجد أن الدستور الجزائري نص على بعض الأحكام لا ترد إلا في الدساتير الإشتراكية عادة ومن ذلك نص المادة (09) الذي تقضي بأنه لا يجوز للمؤسسات أن تقوم بما يأتي:
- الممارسة الإقطاعية والجهوية والمحسوبية
- إقامة علاقات الإستغلال والتبعية
- سلوك المخالف للخلق الإسلامي وقيم ثورة نوفمبر والمادة 14 التي تقول ان الدولة على مبادئ التنظيم الديمقراطي والعدالة الإجتماعية.












الخــــاتمــــة:

وأخيرا وإذا نحن ننهي هذا الموضوع "وظائف الدولة" والذي تتطرقنا فيه إلى مذاهب مختلفة ولا شك أن سبب قيام الدولة هو تحقيق الأمن والخير والرفاهية، ولقد حاولت المذاهب المختلفة التوفيق بين مهام توفير الحاجات العامة للأفراد، ولن يأتي ذلك إلا بتدعيم السلطة والرغبة في الحفاظ على حريات الأفراد وهو ما سميناه آنفا بالتوازن أو التوفيق بين الحرية والسلطة وأن نقطة التوازن هاته تختلف في ما بين المجتمعات، فضلا عن أن مفهوم الحرية يختلف في النظام الرأس مالي على النظام الإشتراكي .


























المراجع:

- النظم السياسية والقانون الدستوري للدكتور فيصل شطناوي
- القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة –الجزء الاول-للدكتور سعيد بوشعير.
- الوافي في شرح مفصل القانون الدستوري الجزائري للدكتور فوزي أو صديق الجزء الأول "نظرية الدولة"




https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى