المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غدا أنسى



walid
10-19-2013, بتوقيت غرينيتش 12:06 AM
موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة (http://www.dzbatna.com/vb)
(هذه القصة تتكون من حلقات أنشاء الله تعجبكم)


هناك امرأة بالباب تريد مقشركة ابلتكِ يا عزيزتي
- وما الغريب بالأمر ... هل هي المرة الأولى ؟ دعيها تدخل .
- أمركِ يا عزيزتي .. ولكن مظهرها غريب , ظننتها في باديء الأمر جاءت تطلب إحسانا , ولكنها أصرت على مقشركة ابلة مديرة المدرس مفصلة , وتدعي أنها أم لإحدى الطالبات ولكني ..
- يا لكِ من ثرثارة .. أغلقي فمكِ واذهبي لإحضارها

خرجت العاملة فورا وأغلقت الباب خلفها
واستدارت نوال مرة أخرى ... وعادت تتطلع من خلال النافذة


وأحست بحركة خلفها , فاستدارت .. فوجدت امرأة تقف الى جوار الباب وقد أطرقت برأسها الى الأرض .
كانت ضئيلة الحجم .. ونحيلة الى درجة كبيرة .
بالتأكيد هي غريبة عن البلاد .... ولكن من أين جاءت ... من موريتانيا ؟ لا يبدو ذلك , من الهند ؟ لا أظن , ربما جاءت من ماليزيا ؟ .... ليس لي شأن بها . يالها من إنسانة غريبة الشكل .
لماذا لم تشعريني بوجودك من قبل ؟؟ ولم ترد المرأة . ورفعت رأسها , وأخذت تتطلع إليها في بلاهة شديدة .
هل أنتِ خرساء ؟؟ .... اقتربي هنا ... ماذا تريدين ؟؟؟

اقتربت المرأة بخطوات صغيرة بطيئة , ووقفت أمام المكتب , وحاولت أن تبتسم فزاد ذلك من بلاهتها , وقالت : السلام عليكم .
- للمرة الأخيرة ... من أنتِ وماذا تريدين ؟؟؟
- أريد أن أرى ابنتي .... أنا أمها ... ابنتي أنا ....هنا في المدرس مفصلة .
كانت تتكلم بصعوبة ولكنة شديدة يصعب فهمها . وكانت تهز رأسها وتحرك يديها مع كل كلمة حتى تساعد في التعبير عن مقصدها





- وما اسمها ...ما اسم ابنتك ؟
- إسلام ... إسلام عبد المجيد .
- ماذا ؟ ... إسلام عبد المجيد ؟ اسلام ابنتكِ أنتِ ..؟؟؟ ... معقول !!!
وما ان سمعت المرأة هذه الكلمة , حتى اندفعت كالمجنونة تجاه المديرة , وأخذت تقبل يدها ورأسها وهي تصيح :
- ابنتي أنا ... أريد أن ارى ابنتي أنا ... أنا أمها ... إسلام ابنتي أنا ...



- ابنتي أنا .. أريد أن أرى ابنتي ... أنا أمها ... إسلام ابنتي أنا ..
وكانت المديرة تدفعها دفعا بعيدا عنها .. وقد أصابها شيء من الخوف .
- لنرى ... لنرى .. سوف أحضرها لكِ .. فقط اجلسي بعيدا عني .
وراجعت المديرة أوراقا أمامها , وهي تراقب المرأة في حرص وخوف .
- إسلام لم تحضر اليوم على المدرس مفصلة . تستطيعين الحضور غدا ان أردتِ رؤيتها .

فاندفعت إليها المرأة مرة ثانية , وجثت على ركبتيها , تحاول أن تقبل قدميها , وهي تصيح في وله شديد :
- ابنتي أنا ... ابنتي أنا ... أنا أمها ... اسلام ... أنا أمها ... ابنتي أنا ... دعيني أراها ... أسألك بالله ابنتي ... دعيني أرى ابنتي ...
- صدقيني لم تأتِ اليوم الى المدرس مفصلة , ولكن أعدكِ إذا أتيتِ غدا فسوف تتمكنين من رؤيتها ... ليس بإمكاني عمل أي شيء الآن .
وأسقط في يد المرأة , وانخرطت في بكاء مرير , وتكومت على أرض الغرفة تنتحب في بؤس شديد .
كانت تبدو تعسة حزينة الى أبعد الحدود , ثم أخذت تئن أنينا خافتا وتتمتم :
- خمسة عشر عاما لم أرها , خمسة عشر عاما وأنا أعيش على أمل أن أراها . أين هي بالله عليكِ ابنتي ... ابنتي أنا ؟؟؟
- خمسة عشر عاما ؟؟؟ .... واين كنتِ طوال هذه المدة ؟؟؟
لقد أتيت من بلاد بعيدة ... من جزيرة جاوة . هل تسمعين عنها ؟؟إنها بعيدة جدا . حضرت لأرى ابنتي . لقد أخذها أبوها بعيدا عني وهي في الثالثة من عمرها . دعيني أراها ... دعيني أراها

وأحست نوال بغصة في حلقها من شدة الإنفعال , وانحنت على المرأة , ورفعتها عن الأرض , وأمسكت بيديها وأخذت تتطلع إليها .
كانت لا تزال تبكي , وفي عينيها نظرة حزينة ذليلة تعسة . كان لها وجه رقيق ناعم , بدا جميلا بالرغم من شحوبه .. كل ما فيها صغير , أنفها .. فمها .. عيناها , وكفاها صغيرتان ناعمتان , بدت ملابسها نظيفة إلى حد كبير بالرغم من أنها تبدو بالية من كثرة الإستعمال وأعيد إصلاحها هنا وهناك في أماكن متعددة . كانت ترتدي إزارا طويلا , ملونا , ضيقا الى درجة يتعذر السير معه , وبدا خصرها نحيلا وعظامها بارزة من الجانبين , وكانت تخفي جزءا من شعرها وكتفيها بغطاء أبيض رقيق . وظهر شعرها من الأمام , أسود كالليل , شديد النعومة .

- اسمعي , لابد ان تهدئي , ليس في يدي أي شيء الآن . وهذا وعد مني , إذا أتيتِ غدا سوف تتمكنين من رؤيتها , سوف أتصل بإسلام شخصيا حتى أتأكد من حضورها غدا . اذهبي الآن , وغدا صباحا ستكون ابنتكِ في انتظاركِ في هذه الغرفة .

ونظرت المرأة إليها نظرة عاتبة , غير مصدقة , ثم أخذت تتطلع حولها , وفجأة انفلتت من يديها , والتقطت مصحفا من فوق المكتب وضعته على رأس نوال وهي تقول :
- مصحف شريف ... كتاب شريف ...

وفهمت هذه مقصدها , والتقطت منها المصحف وأمسكته بيدها وقالت :
- ها أنا أقسم لكِ أنني سأعمل ما بوسعي لتتمكني من رؤية إسلام غدا , كوني مطمئنة , أرجوكِ أن تذهبي الآن ... اذهبي وعودي غدا ..
وبدا على المرأة شيء من الطمأنينة , ولم تجد بدا من الإنتظار الى الغد . لقد انتظرت خمسة عشر عاما , أفلا يمكنها الإنتظار يوما آخر . واستدارت في خطوات بطيئة وغادرت الغرفة

لم تستطع نوال ان تتوقف عن التفكير في المرأة طوال النهار . وفي اليوم التالي بكّرت في الذهاب الى المدرس مفصلة .
وما ان هبطت من العربة حتى فوجئت بها تقف أمام الباب . ياللمرأة التعسة ... ماذا تفعل في هذا الوقت الباكر ؟؟ وصاح الحارس : - هل تصدقين عزيزتي ؟؟ لقد قضت هذه المرأة الليل بطوله على وقفتها هذه أمام الباب !!!
ونظرت إليها ... كانت تبدو أكثر شحوبا من ذي قبل .
وما ان اقتربت منها حتى بادرتها هذه قائلة :
- لا تنسي ... مصحف شريف
وابتسمت نوال , واصطحبتها الى الداخل .

سارت معها في طرقات المدرس مفصلة ممسكة بيدها وهي تتلفت حولها وما لبثت أن سألتها : - أين هي ؟؟ أين إسلام ؟؟
فقالت نوال : لم تحضر بعد .
فابتعدت المرأة فجأة وصاحت : - لقد قلتِ غدا ... قلتِ احضري غدا , مصحف شريف .
- وبعدها معكِ ... ألا ترين المدرس مفصلة خالية من الطالبات . هل تريدين من ابنتكِ أن تبيت هنا ؟ إن لكِ ابنة جميلة ناعمة , سترينها بعد قليل , سترينها خلال الساعة القادمة .
- ساعة ؟ ..... ساعة أخرى ؟ .... هل سأنتظر ساعة أخرى ؟؟؟ ..... لا ... لا أستطيع ... لا .. أريد أن أراها الآن ... الآن ...
وأخذت تبكي في جنون .. وتضرب رأسها بكفيها .
- لا بد أن تهدئي وتكوني عاقلة , ألم تفكري لو ان ابنتكِ رأتكِ على هذه الحالة كم ستتألم ؟؟ هل تريدين لإسلام أن تتألم ..؟؟؟ هل تريدين ان تسببي لها الحزن ؟؟؟

وذعرت المرأة لهذه الكلمات . فجففت دموعها سريعا .. وهي تقول : لا ... لا ...سأنتظر ... سأنتظر , لن اجعلها تحزن أبدا .. لن اجعلها تتألم
وسارت خلفها طائعة حتى غرفتها .


لم تمض نصف ساعة حتى كانت ساحة المدرس مفصلة تضج بالطالبات . فتيات صغيرات يخطون حثيثا نحو الشباب . زهرات تتفتح للدنيا .. ممتلآت بالحيوية وحب الحياة , لا يتوقفن عن الحركة واللعب , وضحكاتهن تملأ المكان .

انتظرت المديرة حتى دخلت الطالبات الى الفصول , وانتظمت الدراسة , وأرسلت في طلب إسلام .
كانت المرأة طوال هذه المدة تجلس صامتة على أرض الغرفة في مواجهة جاهزة الباب , لا ترفع عينيها بعيدا عنه , وكلما دخلت فتاة حملقت في وجهها , وبدت كالمتحفزة , ثم تنظر الى المديرة متسائلة , وكلما مر الوقت ازداد ارتباكها . وبدت أكثر تحفزا , وأكثر توترا .

وفجأة ... دخلت الى الغرفة فتاة طويلة .. ناعمة .. رقيقة
- ادخلي يا إسلام واغلقي الباب خلفكِ .

صرخت المرأة من أعماقها صرخة أفزعت الفتاة . فوقفت جامدة في وسط الغرفة تنظر إليها , والمرأة تحملق فيها فاغرة فمها كالمشدوهة , وللحظات طويلة لم تبد حراكا , وبعد قليل أفاقت لنفسها , وحاولت النهوض فلم تستطع , وخذلتها قدماها , فسقطت على الأرض مرة أخرى , وأخذت تزحف على ركبتيها وهي تلهث , وتخرج أصواتا أشبه بحشرجة الموتى , حتى وصلت الى حيث تقف الفتاة فاحتضنت ساقيها بقوة , ودفنت رأسها فيهما , وأخذت تقبلها في وله شديد , وهي تنتحب وتئن وتتمتم :
- إسلام ... ابنتي .. يا حبيبتي ... ابنتي انا ... يا حبيبتي ... يا حبيبتي , إسلام .. ابنتي أنا ....
وسقطت مغشيا عليها

أسرعت المديرة إليها , وكانت الفتاة راكعة بجانبها تنظر الى وجهها وقد أخذتها المفاجأة . وبدون أن ترفع عينيها سألت في صوت ضعيف : - من هي ... هل هي ... ؟؟؟؟
- اسمعي إسلام .... أعرف أنكِ فتاة عاقلة ... لقد حضرت هذه المرأة أمس فلم تجدكِ , وباتت ليلتها أمام باب المدرس مفصلة تنتظر حتى الآن حتى تتمكن من رؤيتك , لقد قالت لي أنها ... أمكِ .

كانت كل خلجة في وجه الفتاة تنم عن مدى ما تشعر به من ألم وانفعال . كانت ترتعش كالعصفور الصغير , بدت مذهولة , فقد كان الموقف أكبر من احتمالها .
- ولكن كيف ؟؟؟ إن أمي قد ... أقصد أبي قال إن ....
- قال إن أمكِ قد ماتت في صغرك ... أعرف هذا . ولكن صدق مشاعر هذه المرأة وهذا الشبه العجيب بينكما , هذا الشبه الذي لا يمكن أن تخطئه العين , جعلني أؤمن أنها أمك . لقد ولدتكِ في جزيرة جاوة , وأبعدكِ أبوكِ عنها وأنتِ في الثالثة . لقد تعذبت كثيرا حتى تحضر لرؤيتك , أرجوكِ أن تتصرفي معها بحكمة , أرجوكِ أن تكوني رقيقة معها .

ووضعت الفتاة كفها على وجه المرأة وأخذت تتحسسه ....
- أمي ... هذه أمي ... أعرف أنها أمي .... قلبي يحدثني أنها أمي ...

وانحنت على المرأة وقبلتها وهي تردد :
- إنها أمي ... أعرف أنها أمي , وانسابت الدموع على خديها
- أفيقي يا أمي ... أفيقي ... أرجوكِ أن تفيقي ... , ولم تتمالك نفسها , فانكفأت على المرأة تقبلها وتبكي


موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة (http://www.dzbatna.com/vb)



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com/vb)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com/vb)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى