تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ][طــفل وقــطعة جــليد ..][



romaissa
10-18-2013, بتوقيت غرينيتش 11:55 PM
موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة (http://www.dzbatna.com/vb)

طـــفل وقطــعة جليــد..








هناك.. في خضم المدنية والتقدم وثورة الكمبيوتر ، يقبع ذلك الصغير في أحد الأزقة الرطبة ، تلفه ريح باردة ، تتغلغل من أطرافه الصغيرة قاصمة ظهره إلى أن تصل إلى مؤخرة رقبته ، فيدب الشعر فيها واقفا متصلبا ، لا من تلك الريح اللعينة ، وإنما من طيف فكرة تملكه فأذاه ..

راح يلف نفسه أكثر بكنزته البالية ، والتي أهدته إياها طفلة من ذوات الشأن الرفيع ، حينما رأته يتململ في قميصه الرقيق الذي يكاد لا يستر جسده ، والتقمه البرد أكثر فأكثر عندما بدأ يتذكر ..

هناك .. في تلك البقعة من الأرض بالذات إنتهت حياته ، وإن كانت لم تبدأ بعد ، ذلك هو الشارع الذي فقد فيه أعز ما يملك.. في ذلك الشارع فقد ((عزة نفسه))!!
تبا..!! أين ضاعت كل تلك المبادىء والقيم الانسانية؟؟ وإن سلمنا أنه لم يعد هنالك أي بصيص أمل لها في ظل هذه الظروف المخزية..

أيعقل؟! أيعقل أن ينقلب القلب؟! يا له من سؤال سخيف.. بالطبع نعم .. أوليس ((قلبا)) !! وما سمي بالقلب إلا لقلبه حياة صاحبه رأسا على عقب..

أيعقل أن يموت المرء وهو مازال على قيد الحياة؟؟ ويمر عليه الناس صغارهم وكبارهم ولا يتعبون أنفسهم حتى بالنظر إليه.. يستحيل !!
أيعقل أن يمقت الطفل قدومه إلى هذه الدنيا التي تبرأت منه ولفظته في حواريها وشوارعها؟!

يهز الطفل الحبيب رأسه محاولا وأد الأفكار في عقله قبل أن تتجرأ وتصل إلى ثنايا قلبه المنقلب ، فتتمكن منه ويؤدي قلبه دوره المنشود.. ولكنه وللأسف فشل!! وما هي إلا لحظات.. وقطعة من الجليد تتدحرج على وجنته الجافه لتجرح ما بقي منها ولم يتجرح ، فوضع كفه وأمسكها ، ينظر إليها ويحاكيها ، ويذكرها بالسبب الذي جعلها تتهاوى إلى القاع ، وإن كان الحظ حالفها هذه المرة بالتقاطه إياها .. فتعلقت بكفه أكثر ، وأخذت تبكي أسى على حالها ، وبدأت تذوب شيئا فشيئا بيدي الطفل الحبيب ..






صرخ الطفل ناهرا إياها بأن تتوقف .. ((توقفي !!)) ..

ألا يكفي ما حصل لي؟؟ ألم تتخذيني عظة وعبرة؟؟ لا تبك ولا تنوحي، وارفعي رأسك عاليا حتى يصل قمم الجبال ، أخرجي من صدرك ما يحزنك واصرخي حتى تسمع جميع المخلوقات أنين صوتك المتقطع ، أبعدي كل ما يذكرك بالألم ، ولا تجهدي نفسك بالأسف على ما مضى..

فمسحت قطعة الجليد دموعها الحارة وكفكفتها ، وباشرت الطفل الحبيب بسؤال لم تنطق بسواه.. (( وأنت .. هل نسيت؟؟ )) فطأطأ الطفل الحبيب برأسه الصغير ، موجها نظره إلى أطرافه الصغيرة ، حانيا ظهره ، آخذا نفسا عميقا متقطعا يكاد لا يقوى على زفيره ، وما إن فتح شفتيه ليرد على سؤال قطعة الجليد ، حتى شخص بصره..

وكان آخر نفس له في حياته ...



موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة (http://www.dzbatna.com/vb)



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com/vb)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com/vb)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى