المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البطولة والفعل النهضوي في قصة "فاجعة حب"



linnou
10-18-2013, بتوقيت غرينيتش 11:42 PM
موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة (http://www.dzbatna.com/vb)
:3::3:البطولة والفعل (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) النهضوي (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) في قصة "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب":3::3:


كل ما بين أيدينا من النتاج القصصي لأنطون سعاده هو قصة "عيد سيدة صيدنايا" وقصة "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب" (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) . وهذا لا يعني أنه لم يكتب سوى هاتين القصتين ، ولكن نعتقد أن بعض نتاجه في هذا الميدان الأدبي ، وبعض نتاجه في الميادين الأخرى وبعض مدوناته الذاتية - فُقد وصودر… وسعاده لم يكن قاصاً بالمعنى الكلاسيكي للكلمة ، فهو كباعث لنهضة الأمة السورية القومية الاجتماعية ، وصاحب نظرة في الحياة والكون والفن ،.. لم يلج الأدب إلاّ لأنّه شأن أساسي من شؤون حياة الأمة ونهضتها.. لقد صال وجال في ميادين الأدب وولج أبوابه في أحلك ظروف الأمة ، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والروحية ، ذلك لأن سعاده ينظر إلى النهوض الشامل للأمة ، ويرى أن "الأدب كلّه من نثر ونظم ، من حيث هو صناعة يقصد منها إبراز الفكر والشعور بأكثر ما يكون من الدقة وأسمى ما يكون من الجمال لا يمكنه أن يُحدث تجديداً من تلقاء نفسه.. فالأدب ليس الفكر عينه وليس الشعور بالذات ولذلك.. أنّ التجديد في الأدب مسبَّب لا سبب ، هو نتيجة حصول التجديد أو التغيير في الفكر وفي الشعور – في الحياة وفي النظرة إلى الحياة . هو نتيجة حصول ثورة روحية ، مادية ، اجتماعية ، سياسية ، تغيّر حياة شعب بأسره ، وأوضاع حياته ، وتفتح آفاقاً حديثة للفكر وطرائفه وللشعور ومناحيه" .

وهذه الرؤية لسعاده تتجلى أيضاً في قصته "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب" (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) بإبرازه للفكر "عنصر الفعل" وإبرازه للشعور "عنصر العاطفة" كما أن غرض سعاده وغايته من القصة كان تصوير حياتنا واستخراج دروس قومية اجتماعية .

1- "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب"

إن قصة "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب" (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) كما يقدّم لها سعاده هي "ذات موضوع حيوي دقيق" له علاقة كبيرة . بحياتنا الاجتماعية وآدابنا القومية . ويتناول موضوعها مسألة هامة في حياتنا الاجتماعية والقومية العصرية: الصراع بين عهد الخمول وعصر التنبّه والنهوض ، العراك بين الأنانية والخير العام ، بين المادية الحقيرة ، والنفسية السامية ، بين الحيوانية والإنسانية ، بين الرذيلة والفضيلة" . كما يُضّمن سعاده هذه القصة "إنتقاد بعض عاداتنا وتقاليدنا القديمة ونظرة في نواحي حياتنا الاجتماعية العصرية وبعض المسائل النفسية المثالية" .

بطل القصة يدعى "سليم": شخص ذو نفس فنية شعرية حساسة إلى الدرجة القصوى .

كان مولعاً بدراسة الموسيقى.. نفسه كبيرة حتى لكأنها تسع الكون ، أحب فتاة تدعى دعد ، بادلته الحب ، ولكنّها رضخت مجبرة لمشيئة والدتها سلمى بالابتعاد عن سليم ، والتي كانت تأمل بتزويجها من أحد الأغنياء .

ولكن دعد التي ابتعدت عن سليم لإرضاء والدتها لم تتزوج من غيره ، وأخيراً يتنصر موقفها لقلبها وتقرّر أن تأتي إلى حبيبها سليم ، رغم العادات والتقاليد الاجتماعية البالية التي وقفت سدّاً منيعاً بين زواجهما ، لا لشيء سوى لأن سليماً من عائلة غير معروفة من قبل العائلات التي تؤمن بالتقاليد القديمة ، هذا من جهة ولأنه ليس موظفاً أو تاجراً من جهة ثانية . تأتي دعد لملاقاة حبيبها تصل منزله ، ولكن بعد فوات الأوان ، فتجد سليماً جثة هامدة نتيجة لحمّى قاتلة أودت بحياته .

في نهاية هذه القصة القيم السلبية على الفضيلة ، مات سليم دون أن يقترن بحبيبته دعد، أو حتى دون أن يراها في أيامه الأخيرة . وبذلك يكون سعاده قد خالف المبدأ القاتل بضرورة جعل الفضيلة دائماً منتصرة في القصة . عن هذه النهاية المفجعة التي آلت إليها القصة يقول سعاده: "إن انتصار الفضيلة الدائم في الأدب يقلل من أهمية الدعوة إلى نصرتها في الحياة.. ولما أمعنت النظر في ظروف القصة وجدت الأسباب الروائية الخاصة بها والأمانة للواقع توجب جعل الختام على الوجه الذي وضعته ، خصوصاً بعد أن درس مفصلت حالة البطل سليم ، ووجدت أنه سابق زمانه بعقد أو عقدين من السنين على الأقل ، فضلاً عن أنّ ظروف المحيط والبيئة يجعلان النتيجة التي اخترتها أكثر انطباقاً على الواقع" .

2- البطل في القصة عند سعاده

بعد الإشارة لأهمية الأدب عند سعاده كعامل نهضوي يشكل أحد الأعمدة الرئيسية في نهوض حياة الأمة.. وبعد الإشارة إلى "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب" (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) ، كيف تبدو صور 2014ة البطل عند سعاده في هذه القصة ، ؟؟

قبل الدخول في قراءة شخصية بطل "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب" (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) نشير إلى مفهوم البطولة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) ، التي تعني التميّز أو التفرّد في ميدان أو أكثر من ميادين الحياة ، وهذا التميّز والتفرّد يكسب شخصية البطل سماتها وحضارتها وشكلها إن كان على مسرح الحياة أو في فن القصة والرواية رائعة و مشوقة..

والبطولة الإيجابية إذا كانت هي المقبولة فقط على مسرح الحياة ، فإن العمل الفني قد يتسع للبطولة الإيجابية كما يتسع للبطولة السلبية أيضاً .

وللبطولة تفسيرات ورؤى متنوعة ومتعدّدة . فإذا كانت الفرويدية ترى مع فرويد أن البطل رمز لصور 2014ة الأب ، فإن الماركسية ترى أن البطل هو رمز وتجسيد لصفات الطبقة التي تحدّر منها .

وإذا كانت الوجودية ترى أن البطل هو إبن الوجود ، الذي يثور على الوجود ذاته كونه ينظر إليه على أنه "عبث" ، فإن كهايمية الدور ترى مع كهايم دور أن البشر بطبيعتهم يميلون إلى العبادة والتقديس ، لذلك فإن البشر منذ العصور 2014 الأولى ابتكروا "الطوطم" ، وعبدوا التماثيل والأصنام أو قدسوا مظهراً من مظاهر الطبيعة ، لذلك فإن كهايمية الدور تعتبر البطل صور 2014ة من صور 2014 الطوطمية .

وإذا كانت النيتشوية ترى مع نيتشيه أن التاريخ للأبطال السوبرمانيين فإن سعاده يرى أن البطل هو الذي يعبّر عن الأمة ووجدانها ، يجسد مفاهيمها ويبعث نهضتها ويعبّر عن نفسيّتها وعن المثل العليا السامية للمجتمع والشعب..

وسليم في "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب" (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) يحمل نظرة حديثة للحياة والكون والفن ، ثائر على المفاسد الاجتماعية والعادات القديمة البالية والأنانيات الفردية والنزعات الذاتية ، متسلّح بوعي نهضوي ووجدان قومي ، ينتصر لأهداف أمته وغايتها في الحياة وقضاياها الكبرى ، أي أنه يمثّل روحية هذه الأمة:

لذلك يقول سعاده في قصته بعد موت سليم "إن الأمة فقدت رجلاً تمثلت روحها في روحه ، وجمعت عواطفه أدق وأجمل عواطفها . وهو لو عاش لأتمّ فعل ما لم يفعله شخص آخر من أبناء هذه الأمة إلا وهو إحياء نفسيّتها" . وإن كنّا لسنا في مجال المقارنة بين البطل عند نيتشيه والبطل عند سعاده إلاّ أننا نشير أنه للوهلة الأولى يعتقد البعض أن سليماً يقترب من خلال وصف سعاده له من سوبارمانية نيتشيه إلاّ أن التمعّن يدحض هذا التشبيه من منطلق أن أبطال سعاده جاؤوا ليجسدوا حقيقة تساوي وجودهم ، والحقيقة طبعاً ليست خيالاً ، صحيح أن وجدي الصايغ ، وسناء محيدلي ومالك وهبي ، وابتسام حرب ، وخالد أزرق ، وعلي طالب ، وعمار الأعسر ومريم خير الدين ونورما أبي حسان ،.. قاموا بفعل أسطوري خيالي ، إلا أنهم كانوا حقيقة متسامية ، مارسوا البطولة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) كقيمة وفعل استشهادهم جاء لينتصر لحقيقتهم التي تساوي وجودهم . ولأهداف أمتهم وغايتها في الحياة وقضاياها الكبرى ، أي أنهم مثّلوا روحية الأمة ، فسعاده إذاً لم يُسقط أبطالاً خياليين على الواقع ، بل ان الأبطال الذين آمنوا معه بحقيقة أمتهم ارتفعوا بالواقع إلى مستوى هذه الحقيقة . وبالعودة إلى سليم بطل قصة "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب" (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) نسأل هل فعلاً كان يمثل روحيّة أمته التي تجسّدت فيما بعد بالذين آمنوا مع سعاده بحقيقة أمتهم هذه الأمة التي ظنها أعداؤها فنيت وانتهت إلى الأبد ؟






إن سليماً لم يكن بطلاً عادياً من أبطال القصص القصيرة والطويلة ، بمعنى أن شعبه لم يترك المسؤولية عليه ، ولم يتخل عن حمل هذه المسؤولية عن سابق تصور 2014 وتصميم ، يشعر هذا الشعب أنه كان مقصّراً بواجبه مع سليم فينتفض للدفاع عن هذا البطل!!

إن سليماً الذي يزرع فعل الوعي في شعبه كان يهدف إلى زرع حقيقة أمتهم فيهم وإعلانها لهم ،.. حتى إذا ما أدركوا هذه الحقيقة هبّوا إلى الانتصار للأمة وللمجتمع وليس لأفراد زائلين.. هبّوا للدفاع عن مصالح الأمة وليس عن مصالح شخصية وذاتية..

إن القصد الأول من كتابة سعاده لـ "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب" (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) كان توضيح "الحالة المادية – الروحية المسيطرة على عقولنا ونفوسنا حتى أننا نجبن عن مواجهة جاهزة الحياة الفنية . ونفضل الخمول على المجازفة ببعض راحتنا ، ونخاف كثيراً من الوقوع في صعوبات الحياة ومجابهتها ، ولا نشعر أن للإنسان قيمة غير قيمته المادية . بل اننا دائماً مستعدون لقتل العواطف الحيّة من أجل تأمين راحة الجسد" ويضيف سعاده عن قصده أيضاً من هذه القصة "رأيت أن أُبيّن فيها إغراق مجموعنا في إهمال فضائل كثيرة ضرورية لارتقاء نفسيّتنا وعقليّتنا ولو أدى إهمالها إلى القضاء على كل أمل لنا بحياة حرّة راقية وكل مطلب أعلى تتجه نحوه بصائرنا" .

في "فاجعة (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) حب" (http://www.dzbatna.com/vb/t3730/) يقدّم سعاده بطله على أنه الشخصية المتفرّدة القادرة على زرع الوعي في أبناء أمته التي غرز الجهل مخالبه في جسدها ، كما أنه النور الساطع الذي يبدّد بمفاهيمه الظلام الدامس عنها.. وبالتالي فإن سليماً يهدف إلى الارتقاء بنفسيّة أبناء أمته وعقليتهم ، فهو موسيقي "كان يجب أن يرى شعبه آخذاً قسطه من الموسيقى العالية أي أنه كان يريد أن يرى في شعبه موسيقى سامية تستطيع أن تعبّر حقاً عما في القلب من شعور وما في العقل من تأملات أدبية وفلسفية.. كان قلبه طافحاً بالعواطف القوية ونفسه مترعة بالآمال الكبيرة .


موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة (http://www.dzbatna.com/vb)



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com/vb)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com/vb)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى