الكناية
هي إطلاق لفظ وإرادة لازم معناه مع قرينه لا تمنع من إرادة المعنى الأصلي، وعلى هذا فيكون الفرق بين المجاز والكناية أن القرينة في المجاز تمنع من إرادة المعنى الأصلي وفي الكناية لا تمنع .
فإذا قلنا مثلا في الكناية : فلانة نؤومة الضحى فنعني بهذا أنهى مترفة غنية تجد من يخدمها وذلك أن المعروف عن العرب أنهم لاينامون الضحى لأنهم يشتغلون في الصباح إلا من عنده خادم ويجوز إرادة المعنى الأصلي وهو الحكم عليها بكثرة النوم أما المجاز فقرينته مانعة بمعنى أن المعنى الأصلي لا يمكن تقديره .
أركان الكناية :
1- اللفظ المكنى به.
2- المعنى المكنى عنه وهو المقصود غالباً.
3- القرينة التي ترشد إلى المعنى المراد.
فإذا قلنا مثلا: فلان كثير الرماد فهو كناية عن الكرم فاللفظ المكنى به ( كثير الرماد) والمعنى المكنى عنه (الكرم ) والقرينة ( حالية ).
أقسام الكناية :
1- كناية عن صفة .
2- كناية عن موصوف.
3- كناية عن نسبة.
1- الكناية عن صفة: هي أن تذكر الموصوف وتنسب له صفة ولا تقصد هذه الصفة وإنما تقصد لازمها، كقولنا: فلان طويل النجاد، فالصفة وهي ( طول النجاد) نسبت لفلان وهي غير مقصودة وإنما المقصود لا زم معناها لأنه يلزم من طول النجاة الذي هو حمالة السيف أن تكون قامة حاملة طويلة فهذا كناية عن طول القامة .
قال الشاعر:
وما يك فيّ من عيب فإني جبان الكلب مهزوم الفصيل
فهنا كنايتان كلاهما عن الكرم، الأولى : جبان الكلب والمقصود أن الكلب إذا تعود كثرة الضيفان فإنه يترك النباح وبهذا نستدل على أن المراد ليس الصفة المذكورة بل المقصود الكرم، والثانية : مهزول الفصيل والمقصود أنه من كثرة الضيفان وما يشربون من اللبن أو ما يتسببون به من ذبح لأم الفصيل لإطعامهم يحصل بذلك هزال وضعف للفصيل.
قال المتنبي : فمساهم وبسطهم حرير وصبحهم وبسطهم تراب
فالشطر الأول : كناية عن العز وهي كناية عن صفة، والشطر الثاني كناية عن الذل والفقر وهي كناية عن صفة أيضاً وإليك عدداً من الكنايات:
1- فلان منخرق الجيب: كناية عن الإسراف والتبذير .
2- فلان كثير الإخوان لين الجانب: كناية عن حسن الخلق.
3- فلان قوي الساعد مفتول العضلات: كناية عن القوة.
4- فلان قلع أسنانه : كناية عن التجربة.
5- فلان يمشي على ثلاث : كناية عن التقدم في السن.
6- فلان أطلق رجليه للريح: كناية عن السرعة والخوف.
7- فلان يشار إليه بالبنان: كناية عن الشهرة.
8- فلان عريض القفا: كناية عن الغباء والخمول.
9- فلان يمشي على بيض: كناية عن البطء.

2ـ الكناية عن الموصوف:
ضابط هذا النوع من الكناية أن نذكر الصفة والنسبة ولا نذكر الموصوف.
كقول شوقي:
ولي بين الضلوع دم ولحم هما الواهي الذي ثكل الشباب
فقوله (بين الضلوع دم ولحم) كناية عن موصوف وهو ( القلب) ولعلك تلحظ أن الموصوف لم يذكر وإنما ذكرت الصفة الدالة عليه وهي الدم واللحم والنسبة وهي كونه بين الضلوع.
وقال المتنبي:
ومن في كفه منهم قناة كمن في كفه منهم خضاب
كناية عن الرجال في الشطر الأول، وهو موصوف وأما الشطر الثاني فهو كناية عن النساء وهو موصوف كذلك.

3-الكناية عن نسبة:
وضابطها أن نذكر الصفة والموصوف لكننا هنا لن ننسب الصفة إلى صاحبها بل إلى شيء له تعلق بصاحبها فنقول مثلاً : فلان الكرم بين برديه: كناية عن الكرم، وذلك بنسبة الكرم إلى ثيابه وهذا يعني بالضرورة ثبوتها للممدوح.
قال الشاعر :
إن السماحة والمروءة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج
فالسماحة وما بعدها نسبت للقبة ، والمراد صاحبها فهي هنا كناية عن إثبات هذه الصفات للممدوح .
أهداف الكناية
لعلنا نلحظ من خلال ما سبق أن الكناية لها مقاصدها وأهدافها ويمكن تلمس بعض ذلك فيما يأتي :
1ـ إثبات الشيء بدليله ، فأنت عندما تقول فلان كثير الرماد تعني أنه كريم وتدلل على ذلك بكثرة الرماد .
2ـ الإيجاز .
3ـ التهذيب .
من بلاغة الكناية في القرآن والسنة:
قال تعالى : ( أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ) كناية بديعة رفيعة عن النساء وذلك أن الذي يتربى في الزينة والنعمة ولم يجرب الوقوف أمام الخصوم فإنه لن يبين في موطن الشدائد ولن يأتي بحجة ولا برهان وفي هذا إشارة إلى الرد على الكفار الذين جعلوا الملائكة بنات الله إذ كان المفترض فيهم أن يختاروا الجنس الممدوح عندهم وإن كان كل ذلك ضلال في ضلال ، وفي هذا إلماح إلى أن الرجل يجب أن يتجنب الزينة الزائدة التي تورث النعومة لأنها من صفات النساء وهي كناية عن موصوف .
وقال تعالى ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) فهذه كناية عن الغيبة والنميمة وهي كناية عن صفة ولاشك ، وهذه الكناية نقلت لنا صورة بشعة للغيبة قد لايتصور الإنسان قدر بشاعتها، إذ كيف يمكن للإنسان أن يأنس بتمزيق لحم آدمي مثله، ليس هذا فقط بل أخوه بل ويأكله ميتا أيضاً كل هذا لم يكن لو قيل لا تغتابوا .
وقال تعالى عن عيسى وأمه عليهما السلام : (كانا يأكلان الطعام ...) هذه كناية عن بشريتهم وهي كناية عن صفة، وفي هذا رد لطيف على القائلين بألوهية عيسى عليه السلام وأمه ، وذلك أن الذي يأكل الطعام يحتاج إلى قضاء الحاجة ومن هذه صفته لا يصلح أن يكون رباً .
الكناية في السنة الشريفة
قال صلى الله عليه وسلم : ( من يضمن لي مابين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة) ، فقوله r ( ما بين لحييه ) يقصد به اللسان و( ما بين فخذيه ) يقصد به الفرج وهي كناية عن موصوف .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( المؤذنون أطول أعناقاً يوم القيامة ) وهذه كناية عن العلو والرفعة وهي كناية عن صفة، ويمكن أن تكون حقيقة في طول أعناقهم .




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©