/المقدمة: إذا كانت الغاية من وجود الاجتماعات البشرية هو تحقيق السعادة وتوفير جميع احتياجات أفراده من خلال تنظيم العلاقات الاقتصادية،فقد اختلف الفلاسفة في طبيعة النظام الاقتصادي المناسب والمثالي الذي يحقق الانسجام بين رغبة الإنسان في الحياة السعيدة من جهة والكيفية التي تحقق ذلك من جهة أخرى ،فهناك من يراه في النظام الاقتصادي الرأسمالي الذي يعتبر أنصاره أن الملكية الفردية هي المحرك الوحيد للتنمية الاقتصادية ،بينما يرى أنصار النظام الاقتصادي الاشتراكي غير هذا تماما ،وعليه يمكن أن نطرح السؤال التالي : هل الملكية الفردية هي المحرك الوحيد للتنمية الاقتصادية؟
2/محاولة حل المشكلة:
أ/عرض منطق الأطروحة الأولى ومسلماتها: يرى بعض المفكرين الاقتصاديين خاصة الرأسماليين أن الملكية الفردية هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق الرفاهية والتنمية الاقتصادية للمجتمع ،وهذا لا يكون إلا من خلال تطبيق النظام الاقتصادي الرأسمالي واحترام أسسه،من بين هؤلاء المفكرين نجد الانجليزي آدم سميث 1723-1790 حيث يرى أن التقدم والتطور الاقتصادي والاجتماعي لا يتحقق إلا بفتح مجال الحرية لكل إفراد المجتمع وشعاره في ذلك : «دعه يمر ،أتركه يعمل»،فللفرد حرية الملكية لمختلف وسائل الإنتاج وحرية ممارسة أي نشاط اقتصادي وحرية المبادلات التجارية وليس للدولة حق في التدخل في هذه الحرية باعتبارها قانون طبيعي،وهذه الحرية بدورها تخلق روح المنافسة الحرة بين الأفراد مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج وتنوع السلع وجودتها،وهذا لا يخدم المصلحة الفردية فقط بل المصلحة العامة أيضا لأتن عمل الفرد لا ينفصل عن منفعة الجماعة فهو ينتج لغيره ، وبالتالي توفر جميع الاحتياجات الاقتصادية لجميع أفراد المجتمع ،وهكذا يتحقق الازدهار الاقتصادي.
ب/النقد: إن الواقع المادة التاريخي يشهد انتصارات الرأسمالية وقوة الدول التي تبنتها وهيمنتها على الأسواق الدولية ،لكن هذا النظام لا يخلو من السلبيات لأنه قائم على قوانين طبيعية ،والحرية في إطار القوانين الطبيعية تعبر عن حياة همجية مبنية على أساس الاستغلال والاستلاب وهذا أشار إليه الفيلسوف كارل ماركس في نظريته عن فائض القيمة ،كما أن المادة التاريخ يثبت فشل هذا النظام حيث تسبب في ظهور مشكلة اقتصادية عالمية سنة أولى929.
ج/عرض منطق نقيض الأطروحة ومسلماتها: بينما يرى المفكرين الاقتصاديين الاشتراكيين وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني كارل ماركس 1818- 1883 أن الملكية الجماعية هي التي تحقق التنمية الاقتصادية وتوفر احتياجات جميع الأفراد لأن النظم الرأسمالي تحقيق الرب عن طريق فائض القيمة ،وهو مقدار من العمل يأخذه الرأسمالي من كل عامل دون أن يدفع مقابلا له،وهذا استغلال لطبقة العمال البروليتاريا التي غالبية المجتمع ،لذا لابد من تحويل الملكية الفردية إلى ملكية جماعية لوسائل الإنتاج التي ستحقق مصلحة غالبية المجتمع وتوزيع الإنتاج بين الجميع بشكل عادل،لذا يجب على الدولة أن تسير النشاطات الاقتصادية ،وتضمن من خلالها إشباع الحاجيات الاجتماعية.
د/النقد: إذا كان هذا النظام يعطي الأولوية للمصلحة العامة، فإن هذا النظام أثبت فشله في الواقع لأنه يقتل في الفرد روح المبادرة والإبداع، ويخلق روح الاتكال بين ألأفراد، وقد كان سببا في ظهور لآفة الاجتماعية المتمثلة في البيروقراطية.
ه/التركيب/ التجاوز: إن كلا النظامين مبنيين على أسس مادية بحتة ،فالأول يقدس الملكية الفردية على حساب الملكية الجماعية والثاني يقول العكس، لذا نجد في النظام الاقتصادي الإسلامي اقتصادا يعترف بحق الملكية للفرد والجماعة في آن واحد وفق أساليب متوازنة تكفل مصلحتهما معا حيث وضع الإسلام جملة من المبادئ العامة التي تقر بحق الملكية الفردية ويقيدها بضوابط شرعية ،فالملكية الفردية والحرية والمنافسة مضمونة في الاقتصاد الإسلامي لكنها مشروطة بحدود أخلاقية حيث حرم الإسلام الربح غير المشروع الناتج عن السرقة والربا ة والاحتكار والاكتناز والرشوة والغش ،وفرض رائع الزكاة كحق للسائل والمحروم بهدف التوزيع العادل للثروات.
3/الخاتمة: إن المحرك الوحيد في التنمية الاقتصادية هو الإنسان فردا وجماعة وفق معايير أخلاقية. توسع
الأستاذة سويحي إيمان/من التعليم الثانوية سيدي لعجال/ ديزاد باتنة




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©