المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالة جدلية:بين النظام الراسمالي والاشتراكي



romaissa
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 06:51 AM
الإشكال:هل النظام الرأسمالي كفيلبتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة أم النظام الاشتراكي؟

تختلف النظم الاقتصاديةماضيا باختلاف موقعها من الملكية وما يصل بها من حيث النوع والحقوق و الواجباتفهناك من حيث النوع قسمان ،ملكية فردية وهي التي يكون فيها المالك معنيا ، وملكيةجماعية وهي التي يكون فيها المالك معنويا أي معين في شخص بعينه كالدولة و العشيرة والقبيلة ومن هنا فقد اختلف جمهور الفلاسفة في تحديد النظام الاقتصادي الذي يحققازدهاراً اقتصادياً و بالتالي نتساءل : هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياةاقتصادية مزدهرة أم أن هناك نظاما آخر كفيل بذلك ؟ .
يرى أنصار النظام الليبرالي ـ الرأسمالي ـ أن هذا الأخير كفيلبتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة و يستندون في ذلك إلى حجج و براهين بحيث يعتمد علىمبادئ تعد الركيزة الأساسية التي يستند إليها في تعامله ومن أهمها الملكية الفرديةلوسائل الإنتاج و كذا المنافسة الحرة التي تضمن النوعية و الكمية و الجودة بالإضافةإلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية و كذلك نجد قانون العرض و الطلب وهوقانون طبيعي يحدد الأسعار و الأجور فإذا زاد الطلب قل العرض و العكس ، ومن كل هذانستنتج أن فلسفة النظام الرأسمالي تقوم على مسلمة واحدة و أساسية هي أن سبب كلالمشاكل الاقتصادية يرجع إلى تدخل الدولة في تحديد الأسعار و الأجور و الإنتاج ،فلا يزدهر الاقتصاد إلاّ إذا تحرر من كل القيود و القوى التي تعيق تطوره وفي هذايقول آدم سميث أحد منظري الليبرالية دعه يعمل أتركه يمر)، و إذا كان تدخل الدولةيعمل على تجميد وشل حركة الاقتصاد فإن التنافس الحر بين المنتجين يعتبر الوقودالمحرك للآلة الاقتصادية فالحرية الاقتصادية تفتح آفاقا واسعة للمبادرات الفرديةالخلاقة بحيث أن كل المتعاملين يبذلون قصارى جهدهم لإنتاج ما هو أحسن وأفضل وبكميةأكبر و بتكلفة أقل ولا خوف في خضم هذا النشاط على حركة الأجور و الأسعار لأن قانونالعرض و الطلب يقوم بتنظيم هاتين الحركتين و في هذا يرى آدم سميث أن سعر البضاعةيساوي ثمن التكلفة زائد ربح معقول ، لكن إذا حدث بسبب ندرة بضاعة معينة أن ارتفعسعر بضاعة ما فوق سعرها الطبيعي فإن هذه البضاعة تصبح مربحة في السوق الأمر الذييؤدي بمنتجيها إلى المزيد من إنتاجها فيرتفع العرض و هذا يؤدي بدوره إلى انخفاضثمنها و إذا زاد العرض عن الطلب بالنسبة لسلعة ما فإن منتجيها يتوقفون عن إنتاجهاأو يقللون منه لأنها غير مربحة و هذا يؤدي آليا إلى انخفاض العرض ومن ثمة ارتفاعالأسعار من جديد يقول آدم سميث إن كل بضاعة معروضة في السوق تتناسب من تلقاء نفسهابصفة طبيعية مع الطلب الفعلي ) ، وما يميز هذا النظام أنه لا يتسامح مع الضعفاء والمتهاونين والمتكاسلين ، و الملكية الخاصة و حب الناس للثروة هو الحافز الأول والأساسي للإنتاج ، لذلك فإن أكثر الناس حرصا على السير الحسن للعمل لأية وحدةإنتاجية هو مالكها ، بالإضافة إلى أن هذا النظام يحقق نوعا من العدالة الاجتماعيةعلى أساس أنه ليس من المعقول ومن العدل أن يحرم الفرد حيازته على شيء شقا وتعبكثيراً من أجله ، فبأي حق نمنع فردا من امتلاك ثمرة عمله وجهده ؟ .
أن قيمة النظام الرأسمالي إذا نظرناإليها من زاوية النجاح الاقتصادي لا يمكن أن توضع موضع الشك و التقدم الصناعي والتكنولوجي و العلمي الذي حققته الدول الرأسمالية دليل على ذلك ، ولكن هذا الرأي لميصمد للنقد وذلك من خلال الانتقادات التي وجهها الاشتراكيون بقيادة كارل ماكس التييمكن تلخيصها فيما يلي : أولاها أن النظام الرأسمالي لا إنساني لأنه يعتبر الإنسانمجرد سلعة كباقي السلع وثانيها أن النظام الرأسمالي يكثر من التوترات والحروب منأجل بيع أسلحته التي تعتبر سلعة مربحة و الدليل على هذا دول العالم الثالث وفي هذايقول جوريسكا إن الرأسمالي تحمل الحروب كما يحمل السحاب المطر) ، كذلك يقولتشومبيتر الرأسمالية مذهب وجد ليدمر) ، وثالثها أن النظام الرأسمالي أدى إلى ظهورالطبقية ـ برجوازية وكادحة ـ كما أه نظام لا يعرف فيه الإنسان الاستقرار النفسيبسبب طغيان الجانب المادي على الجانب الروحي كما أن هذا النظام أدى إلى ظهورالإمبريالية العالمية بالإضافة إلى أنه يوجد ظاهرة البطالة وكذا التمييز العنصري فيشكل لا يعرف حداً وهذا النظام بدوره يقضي على الرأسماليين الصغار ، وأخيرا فإنه لايوجد تناسب فيما يخص الأجور وساعات العمل يقول ماركس إن الرأسمالية تحمل في طياتهابذور فنائها) .
وعلى عكس الرأي السابقنجد أنصار النظام الاشتراكي الذي ظهر على أنقاض الرأسمالية وأهم رواده كارل ماكسوزميله انجلز في كتاب كامله ـ رأس المال ـ ويرى ماركس أن المادية الجدلية هي المحركالأساسي للمادة التاريخ فالنظام الاشتراكي يسعى من خلال توطين الشروط المادية إلى تحقيقالعدالة الاجتماعية وحياة اقتصادية مزدهرة وهذا من خلال مبادئ و أسس أهمها : الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج ـ الأرض لمن يزرعها والمصانع للعمال ـ وكذلكالتخطيط المركزي بالإضافة إلى اعتماد نظام التعاونيات في الإطار الفلاحي وفتحالمجال أمام النشاط النقابي لحماية حقوق العمال وحل مشكلة فائض الإنتاج والصراعالطبقي وكذا اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص ، فالنظام الاشتراكي يعتمد كلية على الملكيةالجماعية لوسائل الإنتاج وذلك للقضاء على الظلم و استغلال الإنسان لأخيه الإنسانوبث الروح الجماعية والمسؤولية الجماعية في العمل وتعتبر الدولة هي الرأس المدبر والمخطط الأول و الأخير وهذا للقضاء على التنافس الذي يؤدي إلى الصراع وتحكم الفئةالثرية في المؤسسات الاقتصادية بحكم تعارض المصالح كما فتحت الدولة المجال أمامنظام النقابات وذلك لحماية حقوق العمال وللاشتراكية صور متعددة ما هو شبيهبالرأسمالية ومنها من يقترب من النظام الشيوعي ومنها ما هو وسط بين الطرفين .
لاشك أن النظام الاشتراكي استفاد منبعض عيوب الرأسمالية لكنه لم يستفد من نقاطه أو جوانبه الإيجابية بل رفضه جملةوتفصيلاً وهذا الخطأ الذي ارتكبه المنظرون الاشتراكيون ضف إلى ذلك أنه بالرغم منالغايات الإنسانية التي يسعى إليها النظام الاشتراكي فقد أوجد جملة من السلبياتأهمها أنه فشل في إيجاد حلول لظاهرة التسيب و الإهمال و اللامبالاة وروح الاتكالكذلك أنه أوجد نوعا من التسيير البيروقراطي الإداري بالإضافة إلى ظهور المحسوبية والرشوة وضعف الإنتاج في ظل غياب المنافسة وكثرة البطالة هذا بالإضافة إلى الخيالالنظري الشيوعي الذي أدى إلى سوء تقدير الواقع و النتائج الاقتصادية ، كما أن توجهالدول الاشتراكية في انتهاج سياسة اقتصاد السوق و الانفتاح على العالم وهذا مايؤكده الواقع المعاش ـ الجزائر ـ .
إنالنظامين الاقتصاديين السابقين وإن اختلفا في المبادئ و الغايات الاقتصادية إلاّأنهما مع ذلك لهما أساس علمي واحد يجمع بينهما فكلاهما ينظر للحياة الاقتصادية نظرةمادية ويقيمها على شروط موضوعية وهذا لا يعني أنهما تجردا من القيم الإنسانية ، غيرأن فلسفة الاقتصاد في الإسلام تنظر إلى الحياة الاقتصادية نظرة أكثر شمولاً و تعتنيبالنواحي الإنسانية عناية خاصة فقد تضمنت فلسفة الاقتصاد في الإسلام مبادئ وقواعدعامة لتنظيم الحياة الاقتصادية تنظيما أخلاقيا من أجل تحقيق حياة متوازنة بين الفردمن عمر أرضا ليستrو المجتمع وعلى هذا الأساس منحت الإنسان الحرية من الملكية لقولهلأحد فهو أحق بها )، وقوله أيضاً من أحي أرضا ميتة فهي له)، ولكن قيدها بالمصلحةالعامة حتى لا تكون أداة لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وجعلها ملكية نسبية(حيث كلشيء لله)، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الإسلام حرم كل أنواع الربا و الغش والاحتكار وكل ضروب الاستغلال .
وفيالأخير وكحوصلة لما سبق فإن الاقتصاد الحر لا يحقق لا الحياة المزدهرة ولا العدالةالاجتماعية لأنها منبع المصائب والأزمات أما الاشتراكية فإنها رغم فضحها لعيوبالرأسمالية لم يتسن لها تحقيق روح العدل ومن هنا فالنظام الذي يحقق الحياة المزدهرةإنما هو النظام الذي يجمع بين عنصري الاقتصاد و الأخلاق في آن واحد ألا وهو النظامالاقتصادي الإسلامي الذي يجعل من المال كوسيلة وليس كغاية يقول تعالى المال والبنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى