المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التفكير الرياضي ..



admin
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 06:49 AM
مقدمة: لقد جعل أرسطو aristote من المنطق مقدمة لكل العلوم، غير أن الطابع التحليلي في لمنطق جعل الكثير يصفه بالعقيم لأن النتيجة متضمنة في إحدى المقدمتين وفي المقدمة لكبرى على وجه الخصوص، مما أدى إلى البحث عن منطق جديد للعلم هو المنطق المادي والبحث عن مدخل لمختلف العلوم فرض رائع المادة الرياضيات التي أصبحت لغة للعلم بدلا عن لغة المنطق.
وأصبحت الأنظار مشدودة إليها تؤكد قيمتها وأهميتها، وفي هذا الإطار تطرح أسئلة كثيرة، ماذا يراد بالمادة الرياضيات؛ ما هو موضوعها؟ ما هي المبادئ التي تقوم عليها؟ كيف يحقق الرياضي قضاياه؟ ثم ما هو موقعها في الفكر الإنساني عموما وما أثارها في العلم على وجه الدقة؟
مفهوم المادة الرياضيات:
المادة الرياضيات علم يختص بدراسة الكم أو المقدار القابل للقياس، سواء كان هذا الكم متصلا [هندسة] أو كان كما منفصلا [حساب].
1. الكم المتصل: يسمى هذا الكم متصلا تعبيرا عن موضوعات الهندسة [أطوالا، مساحات، أشكالا،...الخ] إذ يلاحظ عدم وجود فجوات بين وحداته فالمستقيم هو عدد لا نهائي من النقاط المتصلة على استقامة واحدة، يتميز الكم المتصل أو الهندسي بأنه كم عقلي مشخص يفترض مكانا.
2. الكم المنفصل: وهو موضوع للحساب يتميز موضوعه بأنه مجرد وسمي منفصلا لانفصال وحداته ووجود ثغرات أو فجوات بينها فمثلا العد 1-2-3....الخ فبين هذه القيم عدد لا نهائي من لقيم. تطور هذا الفرع فظهر الجبر مع الخوارزمي ثم التحليل مع ديكارت.
نتيجة: المادة الرياضيات علم يختص بدراسة المفاهيم الكمية المجردة.
مبادئ المادة الرياضيات:
طالما أن موضوع المادة الرياضيات نظري فالأكيد أن الرياضي سينطلق من مبادئ ضرورية لهذا النمط من التفكير وقد حدد أقليدس 03 أنواع من هذه المبادئ، ظل ينظر إليها على أنها ضرورية لكل رياضي وهي:
1. البديهيات axiomes - évidence
يقصد بالبديهية كل قضية واضحة بذاتها لا تحاج إلى برهان أو كما يقال هي حكم تحليلي محموله متضمن في موضوعه فمبادئ العقل مثلا بديهيات.
وفي المادة الرياضيات حدد إقليدس 05 بديهيات هي:
الكميات المتساوية فيما بينها تظل كميات متساوية
إذا أضيفت كميات متساوية إلى أخرى متساوية أعطية كميات متساوية.
إذا طرحت كميات متساوية من كميات متساوية أعطيت كميات متساوية.
الكميات المتطابقة متساوية.
الكل أكبر من الجزء
مميزات البديهية:
واضحة بذاتها لا تحتاج إلى برهان
تتميز البديهية بأنها عامة تلزم جميع العقول كما تلزم في جميع المعارف
تتميز البديهية بأنها ثابتة
سابقة عن التجربة تدرك بالبداهة بشكل حدسي
من نسيج العقل.
المسلمة: postulats وهي قضية بسيطة يضعها العالم ويطالبنا بالتسليم بها على أساس أنه سيبني عليها نسقا رياضيا متماسكا. وأشهرها في المادة الرياضيات تلك التي حددها إقليدس.
من الممكن الوصل بين أية نقطتي بخط مستقيم
يمكن مد القطعة المستقيمة من جهة إلى ما لا نهاية.
يمكن رسم الدائرة إذا علم مركزها ونصف قطرها.
الزوايا القائمة متساوية.
من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن يمر إلا مواز واحد لذلك المستقيم

خصائص ومميزات المسلمة:
قضية بسيطة ولكنها أقل وضوحا من البديهية
المسلمة خاصة في مقابل البديهية التي توصف بأنها عامة أي خاصة بالعالم لذي يضعها كما تختص بالمجال المعرفي.
المسلمة متغيرة.
بعدية.
التعريفات: يراد بالتعريف تحديد مفهوم أي حد أو لفظ بذكر خصائصه الجوهرية قدر الإمكان، وإذا استثنينا البديهيات والمسلمات فما تبقى في المادة الرياضيات عبارة عن كائنات أو مفاهيم، أي أنها مصدر ثراء المادة الرياضيات ، ويميز الرياضيون بين تعريفات تحليلية وأخرى تركيبية.
البرهان الرياضي:
طالما أن الرياضي يتناول موضوعا نظريا مجردا وينطلق من مبادئ عقلية فالأكيد أن المنهج الذي يتبعه الرياضي هو منهج عقلي أي أن طريقة البرهنة في المادة الرياضيات استنتاجية ينتقل فيها الرياضي من مقدمات وصولا إلى نتيجة لازمة بصورة ضرورية، على أن طابع الحركة في البرهنة الرياضية وفي الاستنتاج الرياضي ثنائية يمكن أن تكون تحليلية أو تركيبية.
أ. البرهان التحليلي: وهو الذي ينطلق فيه الرياضي من قضايا معقدة أو عامة إلى قضايا بسيطة أو خاصة قد تكون مبدءا من المبادئ لسابقة.
مثلا: البرهنة على أن مجموع ضلعي أي مثلث أكبر دائما من الضلع الثالث.
ترد هذه القضية إلى المسلمة القائلة: المستقيم أقصر بين نقطتين.
ب. البرهان الرياضي التركيبي: وهو الذي ينطلق فيه الرياضي من قضايا بسيطة أو خاصة في حركة إنشائية تركيبية ليصل إلى نتيجة معقدة أو عامة.
مثلا" ضرب معادلتين من الدرجة I يؤدي وينتج معادلة من الدرجة II

مشكلة أساس المادة الرياضيات:
إن ما وضحناه سابقا من مبادئ وطريقة للبرهنة فهو في الحقيقة متعلق بما يعرف بالمادة الرياضيات التي وضعها وأسس لها إقليدس وظلت تلك المبادئ كذلك إلى غاية القرن 19 حينما حاول لوبا تشوفسكي (1793-1856) أن يبرهن المسلمة 05 لإقليدس فوجد نفسه أمام نسق جديد، إذا افترض أن من نقطة خارج مستقيم يمكن أن نمرر عددا لا متناهيا من الموازيات ثم محاولة ريمان (1826-1866) الذي افترض أنه من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن نمرر أي مواز على الإطلاق ليجد هو الآخر نفسه أمام نسقا ثالثا متميزا.
مثلا:
نسق ريمان نسق لوبا تشكوفسكي نسق إقليدس
- السطح كروي محدود > 0- من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن نمرر أي مواز على الإطلاق.- مجموع زوايا المثلث أكبر من 180 - السطح مقعر يمتد إلى ما لانهاية انحناؤه أقل من الصفر- من نقطة خارج مستقيم يمكن تمرير عدد لا نهائي من المتوازيات- مجموع زوايا المثلث< 180 السطح مستو يمتد إلى ما لانهاية إنحناؤه = 0- من نقطة خرج مستقيم لا يمكن أن نمرر إلا مواز واحد فقط - مجموع زوايا المثلث= 180
هذه الملاحظات طرحت السؤال التالي: هل المبادئ التي وضعها إقليدس ضرورية في المادة الرياضيات أم أن هذه المبادئ لا تلزم إلا المادة الرياضيات الإقليدية التقليدية؟ هل يعني ذلك أننا لا يمكن الحديث عن بديهية في المادة الرياضيات؟ وإذا كان هذا الفرض رائع ممكنا كيف سننظر إلى اليقين الرياضي هل مطلق أم نسبي؟
الموقف I أنصار المادة الرياضيات التقليدية: المبادئ في المادة الرياضيات بديهيات ثابتة ومن ثمة فالمبادئ لازمة لكل رياضي حفاظا على اليقين الرياضي، لقد ظل ديكارت معجبا بفكرة البداهة وجعلها من الأفكار الفطرية الخالدة، وسعى جاهد لتصور منهج في الفلسفة، قائما على البداهة &quot;لا أقبل شيئا على أنه صحيح إلا إذا كان بديهيا&quot; وعليه فمهمة الرياضي هي الإضافة وليست إعادة النظر.
إن الغاية من الالتزام بمبادئ المادة الرياضيات كما وضعها إقليدس هي ضمان اليقين للمادة الرياضيات.
النقد: يبدو هذا الموقف متماسكا من الناحية النظرية، ولكن مادة التاريخ المادة الرياضيات وتطورها أثبتا العكس، إذ أمكن لمراجعة شاملة المسلمة الخامسة لإقليدس.
الموقفII: أنصار المادة الرياضيات الأكسيومية: إذا عدنا إلى الأنساق لسابقة تبين لنا أن الرياضيين المحدثين لا يرون حرجا في إعادة النظر في المبادئ. ليس هنا بديهيات ثابتة، بل الموجود أوليات Axoimes وهي قضايا بسيطة لا نحكم عليها لا بالصدق ولا بالكذب، بل مجرد منطلقات يحق للرياضي أن يضع منها ما يشاء وفعلا لقد استطاع ريمان أن يفترض أنه من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن نمرر أي مواز على الإطلاق وافتراض لوباتشوسكي أنه من نقطة خارج مستقيم يمكن أن نمرر عددا لا نهائيا من المتوازيات.
النقد: رفض البديهيات ترتبت عليه أزمة حادة في المادة الرياضيات عرفت بأزمة اليقين الرياضي
نتيجة: في ظل الجدل السابق انتهت المادة الرياضيات إلى أن تعدد الأنساق أصبحت حقيقة قائمة وليس من حق أيا كان أن يقيس نتائج نسق بنسق آخر بل كل نسق يتوفر على اليقين طالما هنالك تماسكا منطقيا بين النتائج والمقدمات ليصبح وضع الأوليات شرطا في المادة الرياضيات الحديثة.
مشكلة المادة الرياضيات والمنطق:
أ. ضبط المشكلة: تنتمي المادة الرياضيات إلى العلوم الصورية فموضوعاتها نظرية مجردة ومنهجها استنتاجي تلزم فيه النتائج عن المقدمات وهو أمر مر بنا في المنطق الصوري، إذ يتميز الاستدلال فيه بكونه استنتاجيا، ثم أن تطور المادة الرياضيات انتهى إلى ما يسمى بالمنطق الرياضي فهل يعني أن المادة الرياضيات ترتد إلى أصول منطقية أم أن المادة الرياضيات مادة الرياضيات والمنطق منطق؟
ب. التحليل:
1. الموقف الرياضي: ينظر الرياضيون باستعلاء إلى المنطق، ورفضوا أن ترد المادة الرياضيات إلى المنطق لأنها ببساط 2014ة علم مستقل بكل المعاني.
إن عناصر الاختلاف والتباين بين المادة الرياضيات والمنطق أقوى من عناصر التشابه، فمن ناحية النشأة تعود المادة الرياضيات إلى واضع مبادئها إقليدس ويعود المنطق إلى الفيلسوف أرسطو، المادة الرياضيات علم مستقل والمنطق مدخل للفلسفة كما يختلفان في الموضوع والمنهج والنتائج، فالموضوع الرياضي، كمي، رمزي بينما الموضوع المنطقي، لغوي، كيفي أم المنهج فهو في المادة الرياضيات تحليلي وتركيبي لا يكتفي بالبرهنة بل يؤدي إلى الإبداع بينما الاستدلال المنطقي تحليلي فقط يصلح للبرهنة والإقناع، لينعكس كل ذلك على النتائج فهي كمية إبداعية في المادة الرياضيات، تحصيل حاصل في المنطق، هذا الموازنة تفيد أن المادة الرياضيات علم مستقل لا يرتد إلى المادة الرياضيات ومن دعاة هذا الطرح، هنري بوانكاري وقوبلو...الخ.
النقد: يصح هذا الموقف لو كان القصد بالمادة الرياضيات تلك التي وضع أقليدس أسسها وبالمنطق، المنطق الأرسطي ولكن المادة الرياضيات لم تبق كما وضع إقليدس مبادئها ولم يبق المنطق كما أراده أرسطو، فظهور المنطق الرمزي يدفع إلى إعادة النظر.
2. الموقف المنطقي: دافع برتراند راسل بقوة على الموقف القائل أن المادة الرياضيات في تطورها انتهت إلى المنطق وهو يقصد المنطق الرياضي الذي يعد أعلى شكل بلغته المادة الرياضيات في هذا التطور يتحدى راسل الرياضيين والمناطقة على حد سواء أن يضعوا خطا فاصلا بين المادة الرياضيات والمنطق، ... فالمنطق يمثل طور الرجولة والنضج والبلوغ للمادة الرياضيات والدليل منجزات المنطق الرياضي.
النقد: يبدو أن راسل يعني في نظريته المنطق الرياضي وهو من هذا الزاوية صحيح ولكن المادة الرياضيات ليست هي المنطق الرياضي.
نتيجة: لا ترتد المادة الرياضيات إلى المنطق إلا جزئيا.
مشكلة أثر المادة الرياضيات في العلوم [المادة الرياضيات ومعرفة الواقع]: كيف تكون معرفة الواقع، معرفة رياضية؟
أ. ضبط المشكلة: كتب أرسطو قائلا: &quot;إن نبل المادة الرياضيات يرجع إلى أنها لا تحقق أية منفعة&quot; بمعنى أن قيمة المادة الرياضيات تكمن في كونها نظرية مجردة منزهة عن كل ما هو مادي، وسميت المادة الرياضيات كذلك لأنها رياضة عقلية، لكن ظهور العلوم المختلفة واستعارتها لغة الدقة من المادة الرياضيات، غير النظرة إلى المادة الرياضيات وأصبح يعول عليها كثيرا في فهمنا للواقع فكيف ذلك؟ أين يتجلى أثر المادة الرياضيات وما قيمة هذا التأثير.
ب. التحليل:
أ. تتميز المادة الرياضيات بخاصيتين أساسيتين: أولا كونها كمية دقيقة تعبر عن قضاياها في صورة رموز تعوض التعبير اللغوي المتداول وما فيه من مخاطر الذاتية وتجنب الفكر الوصف الكيفي الساذج.
ثانيا كونها عقلانية صورية تجد انسجامها في منطقها وكأن المادة الرياضيات جمعت بين خاصيتين جوهريتين الدقة من جهة واليقين من جهة ثانية، هذا ما جعل المادة الرياضيات مطمح العلوم، بل أصبحت علمية العلم موقوفة على مدى لتشبيه بالمادة الرياضيات إذ عدها أو جست كونت &quot;آلة ضرورية لجميع العلوم&quot; ووصفت بأنها &quot;العلم السيد&quot;...
ب. نقرأ هذا التأثير في العلوم التجريبية المختلفة، فإذا أخذنا على سبيل المثال المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية لتبين لنا أن النقلة النوعية في هذا العلم كانت مع غاليلي الذي كان يقول: &quot;إن الطبيعة كتاب كامل مفتوح نقرأ فيه بلغة رياضية&quot; بل يردف قائلا: &quot;إن المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية الحقة هي تلك التي تمارس ممارسة قبلية&quot; أي تتصور في الذهن قبل أن تمارس في الواقع العملي وكأن المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية ما أصبحت علما إلا حينما استعارت الخاصيتين التكميم والعقلنة، إن تأثر المادة العلوم الفيزيائية و التكنولوجية بالمادة الرياضيات لم يبق في حدود اللغة والرمز بل أصبحت دقة القانون مرهونة بصياغتها رياضية...
يمكن أن نواصل كشف تأثير المادة الرياضيات في كل العلوم [الفلك، البيولوجيا، العلوم الإنسانية...الخ].
ج. نكتشف من المثال السابق أن المادة الرياضيات وغن كانت في طبيعتها نظرية ومنزهة عن الواقع، إذ يتعامل الرياضي مع كائنات مجردة فإن أثرها كان عظيما في فهم الواقع ويمكننا أن نعمم لنقول أن أثرها شمل حتى الفلسفة فالعقلانية الحديثة جرحت من عقلانية تقول أن لعقل وعاء به مبادئ كما كان يتصور ديكارت إلى عقلانية تنظر إلى العقل كطاقة للمعرفة تضع ما تشاء من المبادئ يذكرنا هذا بقول فيثاغورس قديما الكون أعداد. .


شكرا للاستاذ ترشة عمار




https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى